1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

تجارب مؤلمة يواجهها القاصرون في طريقهم إلى ألمانيا

٦ أبريل ٢٠٢١

عندما يضطر الأطفال الصغار لتحمل هموم وأعباء أكبر من قدراتهم وأرواحهم البريئة. تجارب وقصص موجعة رويت وأخرى طي الكتمان أو التجاهل لأطفال يشقون طريقهم إلى أوروبا بحثاً عن حياة طبيعية. تقرير من مجلة "دير شبيغل" يروي القصة.

https://p.dw.com/p/3rW5X
سيدة ومعها أطفال انتقلوا إلى مكان مؤقت بعد دمار مخيم اللاجئين في جزيرة ليسبوس اليونانية. (سبتمبر/ أيلول 2020)
فر الأطفال مع ذويهم من مناطق الصراعات ليعيشوا مآسي في مخيمات اللجوء، حتى في اليونان.صورة من: Reuters/E. Marcou

لا توجد بداية صحيحة لهذا الموضوع .. يمكن أن يبدأ في أفغانستان، حيث أحرق منزل عائلة وتشتت أفرادها فيما بعد.. أو في مخيم موريا، حيث أخبر بعض الأطفال المساعدين أنهم قد يقدمون الجنس للبالغين مقابل تأمين مكان في خيمة ليقيموا فيه.. أو في أي مكان آخر حيث يعاني الأطفال من الصدمات النفسية الناتجة عن ظروف غير إنسانية قد اختبروها.

بعد شهور من النضال وصل حوالي 700 قاصر غير مصحوبين بذويهم أحضروا من مخيمات اللاجئين اليونانية منذ آذار/ مارس 2020 إلى العديد من الأماكن في أوروبا ضمن برنامج للاتحاد الأوروبي يخص اللاجئين القصر، حيث استقبلت 13 دولة في أوروبا الأشخاص القاصرين "المعرضين للخطر بشكل خاص".

وكان معظم القاصرين غير المصحوبين بذويهم حتى ذلك الحين يعيشون في ظل ظروف غير إنسانية وغير صحية في مخيم موريا، أشهر المخيمات على الجانب الشرقي من جزيرة ليسبوس اليونانية، وتوزعوا الآن في فنلندا أو البرتغال أو أيرلندا أو بلجيكا. ويعيش أكثر من 200 قاصر منهم الآن في ألمانيا.

وقد ألقت مجلة "دير شبيغل" الألمانية الضوء على المعاناة والظروف الكارثية التي يعيشها الأطفال في تلك المخيمات، إضافة إلى المخاطر والاستغلال الذي يتعرضون له هناك.

رحيلة وناصر

ولدت رحيلة في غرب أفغانستان، في وادي هرات، حيث كانت تعيش مع عائلتها المكونة من الوالدين و خمسة أطفال، وكان والدهم يعمل في الجيش. وبعد وقت قصير من وفاته، تعرض منزلهم لهجوم وحريق من قبل طالبان كما يتوقع، مما أدى لوفاة الشقيقة الصغرى في النيران. بعد ذلك، فرت الأسرة إلى ورامين، بالقرب من طهران، حيث راحوا يبيعون العلكة في الشارع لتأمين المال، إلى أن توفيت أختها الأخرى دهساً.

وقررت الشقيقة الكبرى رحيلة البالغة من العمر (23) عاماً السفر مع زوجها وأولادها وشقيقها ناصر البالغ من العمر (12) عاماً. فيما بقيت الأم في إيران مع الأخ الأصغر، ووصلوا ليسبوس في آب/ أغسطس 2019.

في ليسبوس، كانت هناك ثكنات عسكرية للكتيبة من الحرس الوطني اليوناني ذات يوم. ولكن تم إغلاقها في عام 2013 و إنشاء مركز تسجيل واستقبال للاجئين.

في عام 2015، تم إعلان موريا "نقطة ساخنة"، وهو مخيم من المفترض أن يتم احترام حقوق الإنسان فيه، بوجود 2800 لاجئ كحد أقصى، لمن لا يتجاوز الـ 30 يوماً، بمعنى أن تكون محطة توقف ليس إلا، حسبما أعلنت الحكومة اليونانية.

مخيم موريا للاجئين في اليونان
صورة توضح الأوضاع المزرية التي كان يعيشها الأطفال في مخيم موريا في جزيرة ليسبوس اليونانيةصورة من: Infomigrants

مآسي المخيم المزدحم

في خريف 2019 أفادت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، عن وجود 12600 شخص في موريا في تشرين الأول/ أكتوبر 2019، مما جعل  المخيم مكتظاً للغاية، فيما يأتي  المزيد من اللاجئين إلى البلاد على الرغم من اتفاق الاتحاد الأوروبي مع تركيا. ولم تعد موريا محطة توقف. إذ غالباً ما يستغرق الأمر وقتاً طويلاً قبل أن يتمكن اللاجئون من التقدم بطلب اللجوء، ووقتاً أطول لعقد جلسة استماع، وأحياناً ينتظرون لسنوات قبل أن يتم اتخاذ القرار.

وبات مخيم موريا مرادفاً  للرعب على حافة أوروبا نظراً لظروفه الكارثية.

في موريا، أصيب ناصر، شقيق رحيلة، بالمرض في ثكنته في الغابة، وكان يشعر بألم لا يحتمل في عظامه وحلقه. فذهب إلى خيمة المفوضية، حيث أُبلغ أن الجزء الرسمي من المخيم ممتلئ. ولكنه قال لهم:  "مرحباً، ما زلت طفلاً، وأنا مريض. لماذا لا يُسمح لي بالدخول؟ "

لاحقاً، تم قبول ناصر في المنطقة الآمنة، وفي ليلة الميلاد تم تحضير زيارة بابا نويل للأطفال مرتدياً سروالاً أحمر وسترة حمراء ولحية رمادية. المشهد الذي أثر في ناصر كثيراً وقال إنه لم ير أبداً شيئاً كهذا: "كان مذهلاً".

أطفال وتجارب مؤلمة

بعد أن تعهدت سبع دول أعضاء في الاتحاد الأوروبي باستقبال 1600 لاجئ على الأقل من القاصرين غير المصحوبين بذويهم والذين بحاجة لحماية خاصة، من مخيمات اللاجئين المكتظة بشدة في الجزر اليونانية.

كان يجب إجراء مقابلة مع كل طفل، والتحقق من كل منهم لمعرفة ما إذا كان يوافق المعايير المطلوبة لنقله إلى ألمانيا.

ينقل تقرير مجلة "دير شبيغل" لقاء كلاس مورغنسترن، من مفوضية اللاجئين، مع سليمان الذي يبلغ من العمر (11) عاماً ويرتدي قميص ميكي ماوس. غادر إيران إلى أوروبا مع والديه وخمس شقيقات وثلاثة أشقاء. بقيت الأسرة في تركيا، فيما أخذ سليمان الزورق المطاطي 11 مرة، إلى أن وصل ليسبوس في المحاولة الثانية عشرة. 

تستمر المقابلات عادة مثل مقابلة مورغنسترن مع سليمان، ثلاث ساعات على الأقل. كثيراً ما ينهار الأطفال ويبكون بشدة، وأحياناً يبكي مقدمو الرعاية أيضاً معهم من هول القصص المسيئة والتجارب المؤلمة التي تعرض الأطفال لها كالتحرش والاغتصاب والعنف، حسبما ينقل تقرير المجلة الألمانية.

ويعاني معظم الأطفال الذين يعيشون في المخيم من أمراض جلدية، بسبب الافتقار للنظافة الشخصية داخل المخيم، وأمراض بالجهاز التنفسي وأمراض أخرى بسبب الظروف الصحية المتردية.

أطفال يحاولون الانتحار

وقد أفاد علماء النفس الموجودون في المخيم أن أطفالاً كثيرين هناك يعانون من الاكتئاب، إذ يقصون شعورهم ويقطعون أذرعهم بشفرات حلاقة وسكاكين ومقصات. فيما يعبر آخرون عن يأسهم بالصراخ المتواصل، والبعض الآخر بالصمت المطبق. إضافة إلى محاولات الانتحار المتكررة لأطفال لم يتجاوزوا العاشرة من العمر، من بينهم طفلة تبلغ من العمر (8 ) سنوات حاولت شنق نفسها. إضافة إلى الهلع ومشاكل في النوم، كما أن العديد من الأطفال يسيرون وهم نيام منذ اندلاع الحريق، أو يركضون إلى البحر هرباً من الحريق. مما يضطر بعض الآباء لربط أطفالهم ليلاً. وقد يكون ذلك نتيجة للعنف والمشاجرات التي تحدث بشكل متكرر في المخيم والتجارب المؤلمة التي مروا بها.

وبحسب الخبراء فإن هؤلاء الأطفال يعانون من صدمة في كثير من الأحيان بسبب الصراعات التي عانوا منها في بلدانهم الأصلية، خاصة أن الظروف السيئة في مخيم موريا تزيد من سوء وضعهم.

الأطفال ينامون في العراء بعدما تدمر مخيم موريا (13/9/2020)
الأطفال ينامون في العراء بعدما تدمر مخيم مورياصورة من: Reuters/A. Konstantinidis

سياسة لجوء ضبابية

كان وداع ناصر و شقيقته رحيلة مليئاً بالدموع والحزن بسبب فراقهما، إذ تم قبول ناصر ضمن برنامج الاتحاد الأوروبي للاجئين القاصرين دون ذويهم، لأنه برفقة أخته وليست والدته، وتم نقله إلى ألمانيا فيما بقيت رحيلة وعائلتها في اليونان. 

كما تم قبول سليمان الطفل الذي يرتدي قميص ميكي ماوس أيضاً، الطفل الذي نجح في محاولته الثانية عشر، والذي تعلق عليه عائلته في تركيا الأمل بأن يتمكن من طلبهم لينضموا إليه في أوروبا. وعلى الرغم من هذه الخطوة من قبل الاتحاد الأوروبي غير أن هذا لا يعني أن ظروف المخيم ملائمة للأشخاص الذي ظلوا هناك.

وتنقل مجلة "دير شبيغل" في تقريرها عن باحث في شؤون الهجرة قوله، إن مشكلة سياسة اللاجئين الحالية هي أنها لا تستند إلى مفهوم واضح، بل على لحظات من التعاطف التي يحددها اهتمام وسائل الإعلام. التعاطف جيد، لكنه يتلاشى. السياسة التي لا يتم اتباعها إلا بالتعاطف تنتهي بسرعة.

ريم ضوا، المصدر: مهاجر نيوز