1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

تداعيات مصرع بريغوجين على بوتين وغزوه لأوكرانيا

٢٦ أغسطس ٢٠٢٣

الإعلان عن مقتل يغفيني بريغوجين، "طباخ بوتين" وصديقه المقرب، بعد شهرين من قيادته تمرد على سيد الكرملين طرح أسئلة وجيهة أكثر مما قدم من إجابات شافية.

https://p.dw.com/p/4VZyp
يرجح مقتل بريغوجين في حادث تحطم طائرة في الثالث والعشرين من أغسطس / آب
يرجح مقتل بريغوجين في حادث تحطم طائرة في الثالث والعشرين من أغسطس / آب صورة من: Razgruzka_Vagnera/telegram/AP/picture alliance

لم تكن وفاة يفغيني بريغوجين، زعيم مجموعة فاغنر، في تحطم طائرة الأربعاء (23 أغسطس/آب 2023)عن عمر يناهز 62 عاماً، بالحادث المفاجئ، بل تمثلت المفاجأة في طريقة مقتله.

وفي مقابلة مع DW، قالت الصحافية الروسية المتخصصة في الصحافة الاستقصائية، إيرينا بوروغان، إن طريقة مقتل بريغوجين على "النحو الذي حدث يعد بالأمر الجديد رغم أن كافة الملابسات قد لا تكشف أبداً".

ورغم تقديم بوتين تعزية لأسرة "طباخه" السابق وصديقه قبل أن يتمرد عليه، إلا أن البعض ما زال يشكك في وفاة زعيم مجموعة فاغنر أو على أقل تقدير في أن وفاته كانت عرضية.

وفي ذلك، قال غيرهارد مانغوت، الخبير السياسي من النمسا، لـ DW إن هناك احتمالاً كبيراً بأن "بوتين هو من أصدر الأوامر بقتل بريغوجين"، عازياً ذلك إلى رغبة الرئيس الروسي في الانتقام من زعيم فاغنر بسبب ما أقدم عليه من تمرد في يونيو / حزيران الماضي. وأضاف أن بوتين يرغب في بعث رسالة لتحذير الشخصيات التي تتولى مناصب قيادية في البلاد وانتقدت في السابق الكرملين.

بقايا الطائرة المحطمة التي قضى بها رئيس مرتزقة فاغنر يفغيني بريغوجين
بقايا الطائرة المحطمة التي قضى بها رئيس مرتزقة فاغنر يفغيني بريغوجينصورة من: Investigative Committee of Russia/Handout/REUTERS

من هو ديمتري أوتكين؟

وقالت مصادر إن ديمتري أوتكين، "المؤسس الفعلي" لمرتزقة فاغنر وينسب إليه تسميتها بهذا الاسم، كان على متن الطائرة المتحطمة، فيما تشير مصادر عديدة إلى أن الطائرة انفجرت وهي في طريقها من موسكو إلى سان بطرسبرغ.

وفي عام 2014، أسس بريغوجين شركة "فاغنر" العسكرية الخاصة، لكنه نفي على مدار السنوات أي علاقة له بالمجموعة، بيد أنه في سبتمبر / أيلول الماضي، أقر بتشكيلها.

وعلى وقع تورطه في الصراع السوري بدعم الرئيس بشار الأسد وتعزيز مصالح الكرملين في المنطقة، باتت خبرة بريغوجين العسكرية ضرورية عندما شنت روسيا توغلها العسكري في أوكرانيا. وعندما أثبت الجيش الروسي عدم قدرته على التقدم في مناطق معينة من أوكرانيا، برز دور فاغنر كأحد الأطراف العسكرية التي يرتكن إليها الكرملين، خاصة عقب سيطرة مسلحيها على مدينة باخموت الأوكرانية في مايو / أيار الماضي بعد معارك طويلة ودامية ليصبح انتصارها بمثابة أكبر إنجاز عسكري لموسكو في الحرب.

انتقادات تبعها تمرد

وانتقد بريغوجين القيادة العسكرية الروسية واتهم قادة الجيش بالفساد وعدم الكفاءة وحملها مسؤولية عرقلة تقدم الجيش في أوكرانيا بل ذهب إلى حد اتهام كبار القادة بالخيانة وبالتسبب في أزمة نقص الإمدادات العسكرية والذخيرة.

وفي الأشهر قبل يونيو / حزيران الماضي، اندلعت أزمة غير مسبوقة بين بريغوجين والجيش الروسي تحولت في نهاية المطاف إلى محاولة انقلاب بدأت بعبارة تلفظ بها زعيم فاغنر، قائلاً: "إن الشر في القيادة العسكرية الروسية يجب أن يتوقف".

في التمرد، سيطر بريغوجين دون مقاومة على مراكز عسكرية في جنوب روسيا وتحركت قطعات تابعة له باتجاه موسكو. ووصف بوتين بريغوجين بالخائن دون أن يذكره بالاسم.

وهنا تدخل رئيس بيلاروسيا المقرب من بوتين، ألكسندر لوكاشينكو، على خط الأزمة حيث عرض وساطته بين الرئيس الروسي وبريغوجين ليكتب نهاية التمرد الذي لم يدم طويلاً.

وعلى وقع ذلك، توقع كثيرون أن الصراع بين بريغوجين وبوتين قد انتهى خاصة بعد انتقال زعيم فاغنر إلى بيلاروسيا وتحركه بحرية في البلاد حتى أنه ظهر على منصات التواصل الاجتماعي وهو يقوم بتجنيد عناصر جديدة لدعم انتشار مرتزقة فاغنر خاصة في أفريقيا.

ضربة لهيبة بوتين

ورغم قدرة بوتين على إنهاء تمرد فاغنر، إلا أن صدى ذلك التمرد كان كبيراً داخل روسيا خاصة أنه جاء في خضم الحرب الروسية على أوكرانيا. بيد أن المثير للدهشة في هذا التمرد تمثل في جرأة بريغوجين في تحدي بوتين بشكل غير مسبوق ومن خلال الوسائل العسكرية، فيما بدا الرئيس الروسي في موقف ضعيف. فقبل التمرد، انتقد بريغوجين بشكل لاذع وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو المقرب من بوتين وأيضاً رئيس الأركان العامة للجيش الروسي فاليري غيراسيموف، فضلاً عن انتقاده الرئيس الروسي بشكل غير مباشر من خلال التشكيك علناً في مبرراته لغزو أوكرانيا.

اُعتبرت العلاقة بين بوتين وبريغوجين قبل التمرد قوية حيث تعود إلى تسعينيات القرن الماضي. وكان بريغوجين أول شخص يُسمح له بتشكيل قوة عسكرية خاصة للقيام بمهام صعبة وقذرة نيابة عن موسكو سواء في أوكرانيا والشرق الأوسط وأفريقيا.

تعود العلاقة بين بريغوجين وبوتين إلى تسعينيات القرن الماضي
تعود العلاقة بين بريغوجين وبوتين إلى تسعينيات القرن الماضيصورة من: Alexei Druzhinin/AP/picture alliance

وبعد تأكد مقتل بريغوجين، ترى مارينا ميرون، المتخصصة في الشؤون الدفاعية في كلية كينغز كوليدج، في حديث مع DW أن بوتين لم يعد يساوره أي خوف من حدوث تمرد ثان، مضيفة "يبدو أن بوتين قد وجد الطريقة التي من خلالها سيحكم قبضته على فاغنر".

أسئلة برسم المستقبل

يعتقد بعض الخبراء أن مقتل بريغوجين سوف يلقي بظلاله على الحرب الروسية في أوكرانيا، فيما يستبعد كثيرون ذلك نظراً لأن مجموعة فاغنر باتت بلا قيادة في الوقت الراهن، فضلاً عن أنها أُنهكت في القتال الأخير في أوكرانيا حتى أن الجيش الروسي لم يعتمد في قتاله بأوكرانيا على مدى الأشهر الثلاثة الماضية على مرتزقة فاغنر. وفي نظر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين فإن ما سبق ذكره يجعل موقفه أقوى.

وفي ذلك، طرح الخبير السياسي غيرهارد مانغوت سؤالاً مفاده: "ماذا سيحدث للمهام التي تقوم بها فاغنر في أفريقيا، نظراً لأنها شرعت منذ سنوات في القيام بأعمال قذرة لصالح الكرملين وساعدت في تعزيز نفوذ روسيا في الدول الأفريقية؟"

وقال إن الإجابة على هذا السؤال سيعتمد على المسار المستقبلي للحرب في أوكرانيا وفيما سيستمر بوتين في دعم وزير دفاعه شويغو من عدمه. الجدير بالذكر أن بريغوجين لم يكن الشخص الوحيد الذي دعا إلى عزل شويغو حيث خرجت أصوات قومية متشددة وبعض ما يطلق عليهم "مدوني الحرب" تطالب بضرورة إعفاءه من منصبه.

رومن غونشارينكو / م. ع