1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

تغيير الدين - حرية شخصية تُقيدها القوانين

ريم نجمي١٤ يونيو ٢٠١٥

"كنت مسلما وأصبحت مسيحيا" جملة لا يمكن أن تسمعها في مجتمع إسلامي دون أن تثير ردود فعل مختلفة سواء، بالاستنكار أو النقد، أو حتى بمحاولة لتفهم وجهة نظر الآخر. كما أن هناك قوانين في دول إسلامية تتوعد من يريد تغيير دينه.

https://p.dw.com/p/1FfsA
Frankfurter Flughafen Gebetsräume Gottesdienst zur Abrahamischen Feier
صورة من: picture-alliance/dpa

"لقد وجدت في الإسلام أجوبة لم يستطع أحد أن يجيبني عليها، فلبيت نداء قلبي وأصبحت مسلما"، هكذا بدأ إنزو اكسنر حديثه لـDWعن الدوافع التي جعلته يتخلى عن الدين المسيحي ويعتنق الإسلام. فمنذ أربع سنوات اعتنق الشاب الألماني البالغ من العمر 35 عاما الإسلام بعد مروره بتجربة شخصية، تتعلق بإصابة والده بالسرطان ثم وفاته. "لقد كنت ناقما وغاضبا على السماء لأن أبي أصيب بالسرطان، كنت أعتقد أن الله يعاقبه لكن اعتناقي الإسلام جعلني أفهم أن أبي لا يُعاقب وإنما هو قضاء وابتلاء من الله."

بجانب بعض الأسباب الشخصية التي تدفع المرء لتغيير دينه؛ هناك أيضا أسباب عامة قد تدفع الشباب لاتخاذ قرارات مصيرية كتغيير الدين. ففي العالم العربي يواجه العديد من الشباب تحديات يومية، تخص الدراسة والبحث عن عمل، إضافة إلى التفكير في الزواج وبناء أسرة وما يتطلبه الأمر من تخطيط وتكاليف، لم تعد متاحة للجميع.

ووسط هذه التحديات يحتاج الكثير من الشباب إلى التمسك بالجانب الديني والروحي؛ لما يبعثه في نفس المتدين من طمأنينة وقوة روحية. في حين يختار بعض الشباب التخلي عن دينه والدخول في دين آخر. غير أن الأمر في بعض الدول الإسلامية لا يعد مجرد قرار شخصي، وإنما قد تكون له تبعات وخيمة على صاحب القرار.

في إيران العقوبة هي الإعدام

سهيل شاب إيراني مقيم في ألمانيا ويبلغ من العمر 34 عاما اختار منذ سنتين أن يسلك طريقا معاكسا لإنزو، إذ اختار ترك الإسلام واعتناق الدين المسيحي. ويقول في حديث لـDW: "خلال فترة التجنيد الإجباري في إيران شاهدت الكثير من الجرائم التي ترتكب باسم الإسلام"، ويتابع سهيل:"لقد رأيت خلال تلك الفترة أناسا يصلون صلاة الجماعة وفي نفس الوقت يرتكبون أمورا لا أستطيع ذكرها."

سهيل، وبعد أن التقى بشاب مسيحي وجد عنده أجوبة لأسئلة كان تشغله؛ تغيرت حياته فاعتنق المسيحية، التي وجد فيها ما وصفه بـ"الراحة القلبية". وأهم ما جذبه إلى المسيحية حسب ما يقول هو "فكرة المحبة المتبادلة بين الله وعبده، وبالتالي ليست هناك فكرة الله الذي يعاقب ويُدخل النار وإنما هناك الله الذي يحب عبده." ويتابع سهيل الذي رفض الكشف عن اسمه الكامل حرصا على عائلته في إيران:"لقد تربيت في الإسلام على الخوف، أما اليوم فأشعر بالراحة."

وإذا كان إنزو الشاب الألماني قد اعتنق الإسلام في ألمانيا دون مشاكل قانونية، فالقانون الأساسي (الدستور) الألماني يضمن له حرية العقيدة والإيمان، فإن سهيلا لم يستطع البقاء في إيران بعد اعتناقه المسيحية، فحصل على اللجوء الديني في ألمانيا. محققون في مجال حقوق الإنسان بالأمم المتحدة قالوا إن "الكنائس في إيران تعمل في مناخ يسوده الخوف ويواجه المسلمون المتحولون إلى المسيحية الاضطهاد." كما أن تبديل الدين عقوبة موجبة للإعدام في إيران إذ يتم تصنيفها في خانة الإساءة للمقدسات، وهو الأمر الذي لا تنفرد به إيران وحدها.

الحرية الدينية بين القوانين والشرع

إلى جانب إيران يُحكم بالإعدام في السعودية والسودان على كل من ترك الإسلام، وتستند الدولتان في ذلك إلى الحكم الشرعي الإسلامي بقتل "المرتد عن الدين". غير أن بلال إبراهيم وهو شيخ أزهري وأستاذ في الدين الإسلامي يرى في حديث مع DWأن القرآن كان واضحا بشأن حرية العقيدة، ويقول:"هناك آية صريحة في القرآن الكريم تدل على حرية الفرد الشخصية هي :"وقل الحق من ربكم فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر".

لكن أغلب الدول العربية ترتكز على مادة "تحقير أو ازدراء الأديان" لمحاكمة من ترك الإسلام، بالرغم من عدم وجود قانون صريح يجرم تحول الفرد إلى دين آخر. ففي مصر مثلا، وحسب شهادات واردة في تقرير للمبادرة المصرية للحقوق الشخصية، فسر المسؤولون المصريون المادة "98 و" من قانون العقوبات والقاضية بتجريم "ازدراء أحد الأديان السماوية أو الإضرار بالوحدة الوطنية والسلام الاجتماعي" على نحو مكّنهم من اعتبار التحول عن الإسلام إحدى صور ازدرائه، وبالتالي على أن هذا الأمر مخالف للنظام العام. وتصل عقوبة المادة " 98 و" إلى الحبس لمدة خمس سنوات، أو غرامة تصل إلى ألف جنيه مصري أي ما يزيد قليلا على مئة يورو.

وفي المغرب أثارت فتوى صادرة سنة 2013 عن المجلس العلمي الأعلى -وهو أعلى مؤسسة إسلامية في المغرب- ضجة حول موضوع ترك الدين، إذ جاء فيها أن خروج المسلم من الدين يعتبر"ارتدادا عن الإسلام وكفرا به... ويقتضي دعوته للرجوع إلى دينه والثبات عليه، وإلا حبط عمله الصالح، وخسر الدنيا والآخرة، ووجب إقامة الحد عليه." وقوبلت هذه الفتوى باحتجاجات واسعة في صفوف منظمات حقوقية وأحزاب سياسية ممثلة في البرلمان.

دور الأسرة في تقبل الآخر

وبغض النظر عن القوانين والتشريعات فإن تغيير الدين داخل المجتمعات العربية والإسلامية ما يزال يشكل أحد "التابوهات" (المحرمات)، وتبدأ مشاكل البعض مع أصغر نواة في المجتمع وهي الأسرة ذاتها، إذ لا يتقبل بعض الآباء تحول أبنائهم إلى ديانات أخرى.

لم يكن من السهل على إنزو أن يقنع عائلته باعتناقه الإسلام، ويوضح: "عندما أخبرت أمي قالت لي: هل أنت مجنون؟ وأصابها القلق"، ويتابع: "لقد كانت لديها صورة سلبية عن الإسلام عن طريق الإعلام، لكني شرحت لها أن تلك الأمثلة السلبية هي مجرد استثناءات." وبالنسبة لإنزو نفسه، فهو أب لطفلين، وسيترك لهما حرية اختيار دين آخر، إن كانا مقتنعين بدينهما.

تخطي إلى الجزء التالي اكتشاف المزيد

اكتشاف المزيد