1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

تقنية الاندماج النووي: بوابة جديدة لاستخلاص الطاقة النظيفة

ثورة علمية جديدة في ميدان استخلاص الطاقة البديلة يدشن لها انطلاق مشروع إنشاء المفاعل النووي الإختباري "ايتر" جنوب فرنسا. مشروع طموح لإنتاج طاقة نظيفة تقوم على أسس علمية جديدة قد تحل مشاكل الطاقة في القرون المقبلة.

https://p.dw.com/p/6qsO
نموذج لمفاعل الإندماج النوويصورة من: AP

قدم العلماء منذ منتصف القرن الماضي حلولا علمية لتلبية الحاجة المتزايدة آنذاك للطاقة، من ضمنها الإنشطار النووي كوسيلة أنجع لاستخلاص الطاقة الكهربائية. ومع تزايد الحاجة الماسة في الظرف الراهن للطاقة وسعي الدول الصناعية لتأمين الموارد الطاقية، التي تعتمد عليها في التصنيع وفي النمو الاقتصادي عامة، عرض العلماء خيارات علمية أقرب إلى الخيال العلمي لكنها قد تكون الحل النهائي لمشكل الطاقة والتلوث البيئي في سائر المعمور. وفي هذا الصدد تم التوصل مؤخراً في موسكو إلى اتفاق بقضي باختيار فرنسا لاستضافة مفاعل دولي للاندماج النووي، وذلك بعد توصل الشركاء الستة الممولون لبرنامج تطوير تقنية الاندماج النووي لحلول الخلافات العالقة بينهم، يذكر أن تكلفة المشروع تبلغ تكلفته 10 مليار يورو. وسيبدأ بحلول هذا العام بناء مفاعل الإختباري يدعى "ايتر" في منطقة "كاداراش" قرب مدينة مارسيل جنوب فرنسا. ويُجسد برنامج "ايتر" مشروعا طموحا للبحث العلمي والإستراتيجي لإنتاج طاقة نظيفة وغير محدودة كبديل للطاقة المفاعلات النووية التي تحول الهيدروجين إلى طاقة كهربائية.

تكنولوجيا "ايتر"

يطمح الالتحام النووي الحراري المراقب إلى إنتاج طاقة تُحاكي ما يحصل في قلب الشمس على عكس تقنية الانشطار النووي المستخدم في المفاعلات النووية لإنتاج الطاقة. ويأتي ذلك حيث توصل العلماء إلى تحقيق التحام بين نواة ذرتي دوتيريوم(النظير المشع للأوكسجين) لتوليد التيريتيوم(النظير المشع للهيدروجين) وتأمين انبعاث كمية كبيرة من الطاقة. ومن المرتقب أن توفير هذه العملية الفيزيوكميائية طاقة تكاد تكون غير محدودة ولا تُؤدي إلى أي نوع من التلوث. وسيتم إنتاج هذه الطاقة في درجات حرارية تفوق درجة مركز الشمس بكثير. وعلى عكس المفاعلات النووية العادية، التي تعتمد على الانشطار النووي لاستخلاص الطاقة، لا تحتاج المفاعلات الجديدة إلى اليورانيوم أو البلوتونيوم. الشيء الذي يقلل مخاطر التلوث الإشعاعي. إضافة إلى ذلك لن تكون المفاعلات الجديدة صالحة لاستخدامها في صنع القنابل النووية. وستقلل هذه التقنية الجديدة من الاستنزاف المتزايد للثروات المعدنية والطبيعية، علما أن ذرات الديوتيريوم التي تُعتمد في هذه العملية يمكن اشتقاقها بوفرة من مياه البحر وستوفر كميات ضخمة من الطاقة البديلة، فالكيلوجرام من الوقود الناتج عن الاندماج النووي سيُعادل نفس كمية الطاقة الناتجة عن 10 ملايين كيلوجرام من الوقود العادي.

Fusionsreaktor Iter wird gebaut in Cadarache
صورة من: AP

تحفظات تجاه تقنية الاندماج النووي

Fusionsreaktor Iter wird gebaut in Cadarache
ITER generic site viewصورة من: ITER

تقوم فكرة عمل المفاعل "ايتر"، والذي يعني "انترناشيونال ترمونوكليار أكسبيريمانتل رياكتور"، على دمج ذرتين، الأولى هي ديوتيريوم التي تتوافر بكميات في مياه البحر، والأخرى هي التريتيوم غير المتوافرة على الأرض ويُزمع انتاجها من الليثيوم. ومن خلال عملية الدمج سيتم الحصول على الهيليوم وعلى نيوترونات ذات طاقة كبيرة يجب حصرها في ما بعد لتحويلها إلى حرارة لإنتاج البخار أو الغاز المرتفع الحرارة. ثم يجب تخزين كل هذا في توربينة للتوصل في النهاية إلى إنتاج الكهرباء.

لكن بعض العلماء حذروا من تلك التجارب نظرا لمخاطر المفاعل الجديد. فقد يؤدي خلل أو حادثة، على حد قول العلماء المعارضين للمشروع، إلى حدوث كارثة حقيقية يصعب التنبؤ بأبعادها. فمفاعلاً من النوع "ايتر" سوف يُنتج نيوترونات أقوى بعشر مرات من تلك التي تنتجها المفاعلات الانشطارية، وهي بالتالي سوف تضعف جدران المفاعل وتفتك بها بسرعة بما يُوجب استبدالها بشكل منتظم. والحال أن تأثير النيوترونات على المعدن سوف يُحول هذا الأخير بدوره الى مادة مشعة. كما أن عملية استبدال جدران المفاعل التي تتم كل خمس سنوات ستؤدي إلى انطلاق كمية كبيرة من الإشعاعات من الحوائط التالفة تبلغ قوتها حجم تلك الموجودة في جوف المفاعلات الانشطارية الحالية. غير أن البحث يتم بكل عناية من أجل العثور على وسائل الوقاية من أخطار انتشار الإشعاعات خاصة تلك التي يجسدها التريتيوم وهو العنصر يدخل بنسب صغيرة في القنابل الذرية "الحديثة".

التكلفة الباهظة

Kernkraftwerk Biblis
مفاعل نوويصورة من: AP

يأتي برنامج "ايتر" ليلبي الرغبة الملحة إلى تطوير مصادر الطاقة إذ تُعتبر هذه الأخيرة عاملا أساسيا بالنسبة لاقتصاد البلدان الصناعية خاصة منها اليابان والإتحاد الأوربي والولايات المتحدة الأمريكية. ويعتبر الاندماج النووي الذي ينتج فقط مقدارا ضئيلا من النفايات المشعة، البديل الواعد الذي بوسعه أن يحل بشكل نهائي أو تقريبي، ولمدة قرون إن لم يكن بشكل نهائي، مشاكل الطاقة المتفاقمة. ولعل ما يبرر تخصيص إعتمادات مالية ضخمة لتغطية تكاليف بناء المفاعل وتمويل مراكز البحث العلمي التابعة له هو الحاجة الماسة إلى تأمين موارد الطاقة التي قرب استنزافها. علما أن كسب الطاقة عبر الالتحام النووي الحراري المراقب لم يجتز بعد المراحل اللازمة لإثبات إمكانية التحقيق والتنفيذ الصناعي. ويرى بعض المراقبين أن مشروع "ايتر" ما هو إلا نقطة في بحر طالما أنه في فسحة زمنية تمتد ما بين 30 و100 عام، بحسب التكنولوجيات المقترحة، ريثما يتم التوصل إلى إنتاج فعلي لهذه الطاقة بما يُلبي الحاجيات ويُبرر النفقات الباهظة.

تقرير: طارق أنكاي

تخطي إلى الجزء التالي اكتشاف المزيد

اكتشاف المزيد