1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

تونس: ملاحقات لمدونين ونشطاء تنغص الاحتفال الديمقراطي

أسماء العبيدي - تونس ٦ يناير ٢٠١٥

يستقبل التونسيون بعد أسبوع الذكرى الرابعة لثورتهم، وسط مزيج من الآمال والمخاوف. الانتخابات الأخيرة قطعت شوطا حاسما في الانتقال الديمقراطي، لكن مخاوف النشطاء والمدونين قائمة من انتهاكات الحريات وعودة رموز للنظام السابق.

https://p.dw.com/p/1EFOk
Tunesien Präsident Beji Caid Essebsi
صورة من: picture-alliance/dpa

أجواء الترحيب المحلي والدولي التي لقيتها الانتخابات التشريعية والرئاسية الأخيرة في تونس وآمال التونسيين بقيام "الجمهورية التونسية الثانية" التي ستقطع مع الاستبداد والقمع الذي عرفته تونس لمدة زهاء نصف قرن، تعكر صفوها حوادث إعتقالات ومحاكمات عسكرية لمدنيين من نشطاء ومدونين ومخاوف من بعض شباب الثورة من عودة رموز النظام السابق وتهديدهم للحريات التي تعتبر من أهم مكاسب ثورة الياسمين. ملف قد يقفز إلى صدارة اهتمامات الحكومة الجديدة التي كلف وزير الداخلية السابق الحبيب الصيد بتشكيلها، رغم توقعات المحللين بأن تهيمن على أولوياتها ملفات الأمن والاقتصاد.

ملاحقات ضد مدونين ونشطاء الثورة

شهدت تونس في الأسابيع الأخيرة اعتقالات ومحاكمات شملت مدونين ونشطاء سياسيين، وقد أعادت الحديث في البلاد عن تضييقات "ممنهجة" ضد شباب ثورة الياسمين. فقد تعرضت المخرجة السينمائية إيناس بن عثمان للإيقاف بتهمة "هضم جانب موّظف عمومي أثناء مباشرته لوظيفته". و تعود أحداث الواقعة إلى يوم الجمعة 19 ديسمبر/كانون الأول 2014 ، حيث قررت الناشطة والكاتبة العامة لجمعية التقنيين السينمائيين، إيناس بن عثمان، التوجه إلى مركز شرطة بالعاصمة تونس لتقديم شكاية بشرطية(عون أمن) تعمل هناك، كانت قد شتمتها على موقع الفيسبوك، ولكن المشتكية أصبحت متهمة بعد أن اتهمتها الشرطية بالتطاول عليها أثناء أداء عملها وتم إيقاف المخرجة السينمائية بإذن من النيابة العمومية وهي الآن وراء القضبان في انتظار تحديد موعد جديد لجلسة محاكمتها.

Flash-Galerie Yassine Ayari
المدون ياسين العياري يرفع لافتة إبان الثورو على نظام الرئيس الأسبق بن عليصورة من: Yassine Ayari

و في 25 ديسمبر/ كانون الأول 2014، اعتقلت السلطات التونسية المدون والناشط ياسين العياري عند وصوله إلى مطار تونس قرطاج قادما من فرنسا. ووجهت إلى العياري تهمة انتقاد أداء المؤسسة العسكرية وتوجيهه اتهامات لعدد من قياداتها البارزة من خلال نشره على موقع فيسبوك مقالات تضمنت معطيات ووقائع واتهامات لقيادات رفيعة على رأسها وزير الدفاع الحالي غازي الجريبي.

وكانت النيابة العسكرية في تونس قد أوضحت في بيان لها أن ايقاف العياري تم من أجل "ثلب عدد من الضباط السامين والإطارات بوزارة الدفاع الوطني وقذفهم (ثلبهم) علنا ونسبة أمور غير حقيقية إليهم" و"نشر عدد من الإشاعات من شأنها إرباك الوحدات العسكرية والإيهام بوجود مشاكل خطيرة صلب المؤسسة العسكرية على غرار المزاعم المتعلقة بتقديم رئيس أركان جيش البر الحالي استقالته" و"اتهام عدد من القيادات بتجاوزات مالية وإدارية دون تقديم أي إثباتات على ذلك".

Tunesien Innenminister Habib Essid in Tunis
رئيس الحكومة المكلف الحبيب الصيد، أولويات أمنية واقتصادية قد تقفز أمامها قضايا الحرياتصورة من: F. Belaid/AFP/Getty Images

ويواجه ياسين العياري حكما غيابيا بالسجن مع النفاذ العاجل لمدة ثلاث سنوات. والعياري هو ناشط ومدون تونسي عرف قبل الثورة بتدويناته المعارضة لنظام بن علي ومشاركته في تظاهرة "نهار علىعمار" الشهيرة احتجاجا على حجب مواقع الانترنت والمدونات رفقة مدونين آخرين على غرار لينا بن مهني وسليم عمامو وهو أيضا نجل الطّاهر العيّاري أول ضابط سامي في تاريخ الجيش التونسي يعتبره التونسيون شهيدا في جبهة قتال مباشرة مع مجموعات إرهابية في مايو/أيار .2011

ووجه العياري مؤخراً عبر صفحته في فيسبوك انتقادات لاذعة للباجي قايد السبسي مؤسس ورئيس حزب نداء تونس والذي انتخب مؤخراً رئيساً لتونس منددا بما وصفه المدون الشاب "تزويرا للانتخابات وللإرادة الشعبية".

ويوضح شرف الدين القليل، محامي العياري في حديثه إلى DWعربية أن ملف ياسين العياري هو "ليس بسابقة، فقد أحيل شخصيا على القضاء العسكري من أجل نفس التهمة، وكذلك أيوب المسعودي مستشار المنصف المرزوقي سابقا، وهي تهمة الفصل 91 من مجلة المرافعات العسكرية التي تقضي بسجن كل عسكري أو مدني يمس من كرامة الجيش وسمعته ومعنوياته من خلال الكتابة أو الصور أو القول".

ويضيف القليل أن هذه الإحكام هي "أحكام انتقامية وليست ردعية وهي أحكام تتناقض مع ما جاء به الدستور الجديد للجمهورية التونسية الثانية، فالفصل 110 يقر بان المحكمة العسكرية ليست مختصة في محاكمة المدنيين.

و يواجه المدون حكيم الغانمي نفس التهمة بعد أن على نشر على مدونته "ورقات تونسية" رسالة مفتوحة إلى وزير الدفاع انتقد فيه بشكل حاد طريقة تعامل المستشفى العسكري بقابس (جنوب شرقي البلاد) مع المرضى.

هل هي محاولات لعودة القبضة الحديدية؟

من جهتها، تقول مريم البريبري مدونة ومدافعة شرسة عن قضايا شهداء الثورة التونسية في حوار مع DW إن"القبضة البوليسية الحديدية عادت بل ومن الباب الواسع، وبعد أن جثم النظام لمدة سنوات على أنفاس الشعب التونسي تحت عنوان "حكم الحزب الواحد والديكتاتورية والتمديد والتوريث" هاهو اليوم يعود إلى الواجهة تحت عباءة الشرعية الانتخابية وديمقراطية الصناديق.

و تضيف البريبري "الأمر لا يتعلق بمخاوف بل بواقع، فبعد الإعلان عن فوز حزب نداء تونس بالأغلبية في الانتخابات التشريعية، قام أعوان الشرطة باستدعاء مجموعة من الشبان والنشطاء على خلفية ما يكتبونه على صفحات فيسبوك حول اعتداءات بعض الأعوان على المواطنين وأثناء التحقيقات استظهر الأعوان للشباب بمجموعة من النسخ مما كتب على فيسبوك وتم التحقيق معهم على خلفية علاقتهم ببعض المدونين والنشطاء".

Tunesien Armee
انتقاد الجيش هل يضعف من عزيمته في مواجهة الارهاب؟صورة من: picture-alliance/dpa

وانتقدت منظمات حقوقية محلية وكذلك منظمة مراسلون بلا حدود الايقافات وخصوصا في حق المدون ياسين العياري. ومن جهتها دعت منظمة هيومن رايتس ووتش الأميركية غير الحكومية في وقت سابق، الحكومة التونسية إلى إسقاط بنود منها البند 91 من قانون القضاء العسكري، المتعلقة بتهم انتقاد الجيش، كما طالبت المنظمة الحقوقية الأميركية بوقف محاكمة المدنيين أمام محاكم عسكرية.

بيد أن الدوائر القريبة من الحكومة التونسية تنفي وجود نوايا أو ممارسات تهدد الحريات، بقدر ما يتعلق الأمر باجراءات لمواجهة ما تصفه بمظاهر "الانفلات الإعلامي"، والذي قد يتسبب في المس بمعنيوات الجنود ورجال الأمن الذين يخوضون مواجهات مفتوحة مع الجماعات الإرهابية.

وفي رده على المخاوف التي يبديها بعض النشطاء من عودة القبضة الأمنية في ظل تولي حزب نداء تونس للحكم، يعتبر عضو المجلس الوطني لنداء تونس والناشط الشبابي مجدي الحسيني، أن "أكبر مكسب حققه الشعب التونسي بعد ثورة الكرامة هو حرية التعبير و أن المؤسسة العسكرية ليست فوق النقد"، ويضيف ان "الشباب المنخرط والناشط في صلب حزب نداء تونس سيسعى إلى تفعيل ما طالب به الشعب التونسي من حريات وعلى رأسها حرية التعبير" معتبرا أن الحريات "حق دستوري سيكون الشباب هو الضامن لحمايته داخل الحزب (نداء تونس) وخارجه".

ويبدو ان الاعتقالات والمحاكمات الأخيرة لبعض النشطاء لن تزيد سوى من تأجيج الجدل المتواصل في تونس الجدل حول عودة رموز النظام السابق عبر ما يطلق عليه البعض "حصان طروادة" في إشارة إلى حزب نداء تونس الذي يجمع كفاءات مستقلة و يساريين وكذلك وجوها من النظام السابق.

تخطي إلى الجزء التالي اكتشاف المزيد

اكتشاف المزيد