1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

جدل في ألمانيا حول قضية "الموت الرحيم"

انه هيربرج/اعداد هيثم عبد العظيم٥ يوليو ٢٠٠٨

ناقش مجلس الولايات الألمانية قضية شائكة وهي ما بات يعرف بالموت الرحيم، وذلك إثر قيام مسئول سابق بمساعدة مُسِنة على الموت. المساعدة على الموت ممنوعة في ألمانيا، لكن استطلاع للرأي كشف عن تأييد غالبية الألمان لها.

https://p.dw.com/p/EWOY
قضية الموت الرحيم تثير جدلا واسعا في ألمانياصورة من: dpa - Fotoreport

أثارت واقعة تدخل وزير العدل السابق بولاية هامبورج روجير كوش لمساعدة مسنة ألمانية (79 عاما) على الموت الكثير من الجدل في ألمانيا خاصة وأنها لم تكن مريضة، وإنما كانت تخشى من أن تقضي بقية حياتها في دار للمسنين. وتعقيبا على هذه الواقعة رأي كثير من السياسيين، من بينهم المستشارة انجيلا ميركل، ضرورة بحث كافة الاجراءات القانونية اللازمة للتعامل مع ما يسمى بالموت الرحيم. لذلك ناقش مجلس الولايات الألمانية القضية أمس الجمعة (4 يوليو/تموز).

الواقعة الأخيرة تسلط الضوء مجددا على قضية برزت في السنوات الأخيرة، وهي لجوء عدد من المسنين أو المصابين بأمراض عضال يستحيل الشفاء منها، إلى إنهاء حياتهم طواعية حتى يتخلصوا من الآلام الشديدة التي تصاحبهم. والسؤال الجوهري الذي يدور حوله الجدل في هذه القضية هو هل يحق للإنسان أن يقرر متى وكيف يموت؟ أو بكلمات أخرى هل يحق للإنسان، الذي يكون عادةً في مثل هذه الحالات مريضا أو مسناً، أن ينتحر؟ وهو ما يفضي إلى سؤال آخر وهو ما الذي يتعين على المحيطين بالمريض عمله في هذه الحالة؟ هل يتوجب عليهم إقناع المريض بالعدول عن قرار الموت/الانتحار؟ أم يحق لهم مساعدة المريض في تنفيذ قراره؟ الإجابة عن هذين السؤالين تختلف من دولة إلى أخرى.

المساعدة المباشرة جريمة

Deutschland Sterbehilfe Senator Roger Kusch Hamburg
وزير العدل السابق بولاية هامبورج روجير كوش، وفي الخلفية صورة للمسنة التي ساعدتها جمعيته على الموتصورة من: AP

بدايةً فإن السجال حول "الموت الرحيم" لا يدور على خلفية دينية، إذ أن من نافلة القول التذكير بأن كافة الأديان السماوية تحرم الانتحار، لكنه يدور على خلفية إنسانية. وكما هو معروف في الدول التي تطبق النظام العلماني فإن الدين لا يشكل المصدر الوحيد لاستقاء القوانين والتشريعات، وإنما تلعب القيم الإنسانية والسياسية الأساسية دورا هاما في ذلك.

والوضع القانوني الحالي في ألمانيا يجرم المساعدة المباشرة في الاقدام على الموت. والمساعدة المباشرة(أو الإيجابية كما يسميها البعض) تعني أن تكون اللمسة الأخيرة المفضية إلى الموت بيد المساعد وليست بيد المريض نفسه، كأن يحقن الطبيب المريض بحقنة تحتوي على سم قاتل على سبيل المثال.

أما المساعدة غير المباشرة فلا تقع تحت طائلة القانون. وتعني المساعدة غير المباشرة(أو السلبية) الاحجام عن القيام بإجراءات قد تطيل الحياة كإجراء عملية معقدة في سن متأخر، أو إعطاء عقاقير طبية تخفف الآلام، لكنها تسبب آثارا جانبية قد تسبب الوفاة، كالمورفين على سبيل المثال.

"سياحة الموت"

Symbolfoto Sterbehilfe
بعض الدول مثل هولندا وسويسرا تبيح المساعدة المباشرة على الموتصورة من: picture-alliance / dpa

على الصعيد الأوروبي تجيز معظم الدول المساعدة غير المباشرة، لكن معظمها، يُجرم المساعدة المباشرة، بل ان فرنسا واليونان تساويان بين المساعدة المباشرة وجريمة القتل. في هولندا وبلجيكا أصبحت المساعدة المباشرة لا تقع تحت طائلة القانون منذ عام 2002، شريطة أن يفصح المريض أكثر من مرة وبوضوح عن رغبته في الموت، وأن يخضع المريض لفحص طبيبين قبل لحظة الانتحار بحيث يؤكدان أن المريض لم يتبقَ له على قيد الحياة -من وجهة نظر الطب- إلا القليل. القانون في الدولتين لا يسري على الأجانب المقيمين فيها، حيث أراد المشرع أن يمنع توافد من تمنع دولهم المساعدة المباشرة في الموت الرحيم، أو ما يسمي ظاهرة "سياحة الموت". هذه الظاهرة موجودة في نطاق ضيق في سويسرا. السبب في ذلك أن القانون السويسري يسمح بالمساعدة على الانتحار إذا تم على الشكل التالي: أن يقدم المساعد إلى المريض كوبا به الدواء السام، ثم يتناوله المريض بنفسه ودون أي مساعدة. ففي سويسرا تترجم هذه المساعدة على أنها "فعل صداقة"، طالما خلت من أي غرض شخصي أو تجاري. لذلك يوجد في سويسرا 3 جمعيات، أشهرهم اتحاد ديجنيتاس DIGNITAS، تقوم بالمساعدة في تسهيل الموت وتقدم خدماتها في الخارج أيضا.

الموت الرحيم بين مؤيد ومعارض

Sterbehilfe
المؤيدون للموت الرحيم يرون فيه وسيلة مشروعة للتخلص من آلام لا نهاية لهاصورة من: AP

وتتباين الآراء في ألمانيا حول قضية تسهيل الموت الرحيم بين مؤيد ورافض. فالرافضون يحاججون بأن إجازة المساعدة في الإقدام على الموت قد تؤدي إلى سوء الاستغلال وتسهيل اقناع المرضى النفسيين أو ذوي الحالات غير المستقرة باللجوء إلى الانتحار من أجل وضع حد لآلامهم. وينادون بالموافقة على مشروع القانون الذي ناقشه مجلس الولايات، والذي يفرض على أي مساعدة منظمة أو تجارية على الموت عقوبة تصل إلى 3 سنوات سجن.

أما المؤيدون فيقولون إن مثل هذه العقوبات قد تزيد من الإقبال على "سياحة الموت" في سويسرا. ويشيرون إلى مثال إيجابي في نظرهم وهو قانون ولاية اوريجون الأمريكية المطبق منذ عام 1997، والذي يسمح للمرضى الميئوس من شفائهم بتناول دواء ينهي حياتهم، لكنه يشترط وجود بنية تحتية تكفل للمريض الحصول على تشخيص كامل ومعلومات كافية عن حالته وطرق العلاج الممكنة. هذا القانون أدى إلى عزوف ثلثا المرضى هناك عن قرارهم بالإقدام على الموت.

ومن حيث الجو العام السائد في ألمانيا إزاء هذه القضية فقد أظهر استطلاع للرأي نشرت نتائجه اليوم أن الغلبة للمؤيدين، حيث كشف الاستطلاع الذي شمل نحو ألف مواطن، أن غالبية الألمان يؤيدون السماح بالمساعدة على "القتل الرحيم". وقال 13 بالمائة فقط من المشاركين في الاستطلاع الذي أجراه معهد "أمنيد" لقياس مؤشرات الرأي إنهم يؤيدون خطط فرض حظر على أنشطة "الموت الرحيم". في حين أعرب 55 بالمائة عن أملهم في أن يتمكن كل شخص من أن يقرر بشكل حر إذا ما كان يرغب في إنهاء حياته أم لا وأي نوع من المساعدة يحتاج لاتمام الأمر. وقال 30 بالمائة أن مسألة تقديم المساعدة على إنهاء الحياة ينبغي أن تقتصر على الأطباء فحسب.

تخطي إلى الجزء التالي اكتشاف المزيد

اكتشاف المزيد