1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

جدل في تونس حول موعد انتخابات المجلس التأسيسي

٢٧ مايو ٢٠١١

يسود خلاف في تونس حول موعد إجراء انتخابات المجلس التأسيسي مما يثير المخاوف من أزمة سياسية في البلاد، لاسيما بعد انقسام الآراء بين مؤيد للتأجيل لاستكمال الجاهزية، ومعارض له بحجة ضرورة سرعة انتقال البلاد إلى حالة الاستقرار

https://p.dw.com/p/RQXa
الحقوقي التونسي كمال الجندوبي، رئيس الهيئة العليا المستقلة للانتخابات (يسار) يرى ضرورة تأجيل الانتخابات لأسباب "لوجستية".صورة من: DW

أصرّت "الهيئة العليا المستقلة للانتخابات" في تونس على تنظيم انتخابات "المجلس الوطني التأسيسي" في 16 أكتوبر/تشرين الأول القادم عوضا عن تاريخ 24 يوليو/تموز الذي أقرته الحكومة (في وقت سابق) ووافقت عليه التنظيمات السياسية البارزة في البلاد. موقف الهيئة أثار انقساما في الأوساط السياسية التونسية التي تباينت فيها المواقف بين مؤيد للتأجيل ورافض له.

ومن المنتظر أن تعلن الحكومة المؤقتة يوم الثلاثاء القادم عن موقفها النهائي بشأن هذه المسألة وسط مخاوف من دخول البلاد في أزمة سياسية فيما إذا استمر الخلاف بين الهيئة والحكومة والأحزاب حول تاريخ الانتخابات.

انتخابات ذات "أهمية بالغة"

يكاد المهتمّون بالشأن السّياسي التّونسي أن يجمعوا على أن انتخابات المجلس التّأسيسي تكتسي "أهمية بالغة" لأنّها (الانتخابات) ستنقل السّلطات التنفيذية الثلاث (التّشريعية والتّنفذية والقضائية) إلى هذا المجلس الذي سيتولى تسيير شؤون البلاد إلى حين إجراء انتخابات رئاسية وتشريعية. وسيحتفظ المجلس بهذه السلطات إلى غاية انتهائه من صياغة دستور جديد للبلاد (يعوّض دستور 1959) وتنظيم الانتخابات الرئاسية والتشريعية حسب الدستور الجديد.

الصحافي سفيان الشورابي رئيس "جمعيّة الوعي السيّاسي" قال لدويتشه فيله إن هذه الانتخابات "تستمد أهميتها من كونها أول اختبار سياسي جدّي في تونس" منذ أن أطاحت ثورة 14 يناير/كانون الثاني 2011 بالرئيس المخلوع زين العابدين بن علي الذي هرب إلى السعودية. ولفت الشورابي إلى أنه للمرّة الأولى في تاريخ البلاد ستتولى هيئة غير حكومية (الهيئة المستقلة للانتخابات) تنظيم الانتخابات بعد أكثر من 50 عاما من احتكار وزارة الداخلية لهذه المهمة.

"لخبطة سياسيّة" من الرئيس المؤقت؟

Übergangspräsident Mebazaa Tunesien
انتقادات للرئيس التّونسي المؤقت فؤاد المبزع على خلفية دعوته للانتخابات في يوليو/ تموزصورة من: AP

أصدر الرئيس التّونسي المؤقت فؤاد المبزع يوم 20 مايو/أيار 2011 "أمرا" (قانونا) في الجريدة الرسمية للبلاد يقضي بدعوة التونسيين إلى انتخاب أعضاء المجلس الوطني التأسيسي يوم 24 يوليو/تموز 2011. هذا "الأمر" حدّد تاريخ الثاني من يونيو/حزيران 2011 كآخر أجل لتسجيل الأحزاب والمستقلين لترشحياتهم بالقائمات الانتخابية.

قيس سعيّد أستاذ القانون الدستوري بالجامعة التونسية استغرب من دعوة المبزع إلى انتخاب أعضاء هيئة لم يتمّ بعد إصدار أي قانون ينصّ على إنشائها مثلما يقتضيه التشريع التونسي.

ولفت سعيّد في سياق آخر إلى أن تحديد المبزّع لموعد الانتخابات يتعارض مع القانون الذي أحدثت بموجبه "الهيئة العليا المستقلة للانتخابات" والذي ينصّ على أن تحديد تاريخ الاقتراع هو من اختصاصات الهيئة دون سواها.

واعتبر أستاذ القانون الدستوري هذه الأمور "لخبطة سياسية" مرجعا أسبابها إلى حرص الرئيس المؤقت على الإيفاء بتعهدات سياسية قطعها على نفسه في وقت سابق. وكان المبزع تعهد في خطاب توجه به إلى الشعب يوم 3 مارس 2011 بتنظيم انتخابات المجلس التأسيسي يوم 24 يوليو/تموز من نفس العام.

مؤيدو التأجيل

جرى يوم 10 مايو/أيار انتخاب أعضاء "الهيئة العليا المستقلة للانتخابات" التي يرأسها الحقوقي التونسي كمال الجندوبي. وتم انتخاب هؤلاء من بين أعضاء في "الهيئة العليا لتحقيق أهداف الثورة والإصلاح السياسي والانتقال الديمقراطي" التي يلخّص اسمها المهام التي تضطلع بها.

وفي يوم 22 مايو أعلن كمال الجندوبي أنه ليس بالإمكان ولأسباب "لوجستية" تنظيم الانتخابات في 24 يوليو/تموز مشيرا إلى أن ضمان "ديمقراطية ونزاهة وشفافية" أول عملية انتخابية في تونس ما بعد الثورة يتطلّب إرجاءها إلى 16 أكتوبر القادم.رد ّالحكومة لم يتأخر، إذ "أوصت" يوم 23 مايو بتنظيم الانتخابات في يوليو/تموز وتعهدت بتوفير كل ما تستحقه الهيئة من إمكانيات مادية

إلا أن كمال الجندوبي أصرّ على تاريخ 16 أكتوبر. وقال الجندوبي في مؤتمر صحفي (يوم 26 مايو/أيار) أنه ليس لقرار التأخير أي خلفيات سياسية، مؤكدا أن ضرورة "موضوعية" تقتضي التأجيل. الهيئة ذكرت أنها تحتاج 22 أسبوعا على الأقل لتحضير قائمات الناخبين والتثبت منها وبعث فروع للهيئة داخل تونس وخارجها (للمهاجرين) وتدريب حوالي 7 آلاف مراقب مستقل سيشرفون على الانتخابات.

لكن هناك من يؤيد تأجيل الانتخابات مثلا حزب العمال الشيوعي التونسي وهو من أبرز أحزاب المعارضة في تونس. حمّة الهمامي زعيم الحزب قال في تصريح لدويتشه فيله إنه يتعين قبل إجراء الانتخابات "تطهير" الإعلام والقضاء من بقايا النظام الفاسد للرئيس المخلوع و"الحلّ الفعلي" لجهاز البوليس السياسي الذي كان "عدو الحريات" في عهد بن علي.

وأعلن عدد من الأحزاب السياسية التي ولدت بعد ثورة 14 يناير/كانون ثان 2011 عدم جاهزيتها لخوض الانتخابات في يوليو لأنها لا تزال في مرحلة تعريف الجمهور ببرامجها وتوجهاتها. فمن أصل 81 حزبا سياسيا توجد في تونس اليوم حصل 73 حزبا على تأشيرة العمل القانوني بعد ثورة يناير. وقد اعتبرت الأحزاب الجديدة أن إجراء الانتخابات يوم 24 يوليو/تموز لن يخدم سوى الأحزاب الحاضرة في الساحة منذ سنوات. وكان يوجد تسعة أحزاب مصرح لها بالعمل في تونس في عهد الرئيس المخلوع، الحزب الحاكم وثمانية أحزاب "معارضة".

الرافضون يخشون ارتفاع "كلفة" التأجيل

Tunesien Wahlen - Salaheddine Jorchi
صلاح الدين الجورشي (يسار) عضو الهيئة العليا لتحقيق أهداف الثورة يدافع عن إجراء الانتخابات مبكراصورة من: DW

على الجانب الآخر أعربت أبرز التنظيمات السياسية المعارضة في تونس مثل "حركة النهضة الإسلامية" و"الحزب الديمقراطي التقدمي" و"حركة التجديد" و"حزب المؤتمر من أجل الجمهورية" عن تمسّكها بأجراء الانتخابات في 24 يوليو.

ويخشى معارضو تأجيل الانتخابات إلى أكتوبر/تشرين أول من ارتفاع "الكلفة" السياسية والاقتصادية والاجتماعية والأمنية مع كل يوم تتأخر فيه الانتخابات. سفيان الشورابي قال لدويتشه فيله إن تأخير الانتخابات يعني "تمديد حالة عدم مشروعية الحكم في تونس" التي اعتبر أنها "السبب الرئيسي في انعدام ثقة الشعب في الحكومة وفي استمرار حالة الانفلات الأمني والاجتماعي". ويضيف رئيس "جمعيّة الوعي السيّاسي" أن التسريع بإجراء الانتخابات سيضفي على الحكم مشروعية تساعده على استتباب الأمن واستعادة نسق الاستثمار الأجنبي في البلاد التي يعاني اقتصادها من متاعب كبيرة في الظرف الانتقالي الحالي.

من جانبه أفاد المحلل السياسي صلاح الدين الجورشي وهو عضو في "الهيئة العليا لتحقيق أهداف الثورة والإصلاح السياسي والانتقال الديمقراطي" في تصريح صحفي أن "مصلحة البلاد" تقتضي تنظيم الانتخابات في 24 يوليو/تموز.

وقال الجورشي إن ''إجراء انتخابات ناجحة بنسبة 70 بالمائة أفضل من تأجيلها أملا في أن تصل نسبة نجاحها إلى 100 بالمائة."

منير السويسي ـ تونس

مراجعة: عبده جميل المخلافي

تخطي إلى الجزء التالي اكتشاف المزيد

اكتشاف المزيد