1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

جولة هابيك - حماية المناخ كسياسة لإحلال السلام بالشرق الأوسط

١١ يونيو ٢٠٢٢

على مدار أربعة أيام سافر نائب المستشار الألماني، روبرت هابيك، عبر الشرق الأوسط حاملا معه أفكارا ورؤى مستقبلية حول السلام والتعاون بين دول المنطقة. ويعتقد أن التغير المناخي ينبغي أن يجبر الدول على التعاون رغم خلافاتها.

https://p.dw.com/p/4CY3n
نائب المستشار الألماني، روبرت هابيك أثناء زيارته لرام الله
حمل نائب المستشار الألماني، روبرت هابيك، أفكارا ورؤى مستقبلية حول السلام والتعاون بين دول الشرق الأوسط.. فهل يمكن أن يتحقق شيء منها؟صورة من: Jens Thurau/DW

يقف نائب المستشار الألماني ووزير الاقتصاد وحماية المناخ، روبرت هابيك، على مرتفع في رام الله عاصمة السلطة الفلسطينية وينظر إلى الأعماق الشاسعة في الضفة الغربية، حيث تتداخل المستوطنات الإسرائيلية والمناطق الفلسطينية. وقبل وقوفه هنا التقى رئيس وزراء السلطة الفلسطينية، محمد اشتيه، وأكد له تمسك ألمانيا بحل الدولتين.

أمَا لو يصمت السلاح مرة وينتهى العنف المتبادل. فخلال لقائه مع اشتيه، دعا هابيك الطرفين إلى الاعتدال، وقال "رجاء حاولوا أن تفهموا أن الخسارة والمشاعر والعواطف توجد لدى الطرف الآخر أيضا". لكن دولتين واحدة إسرائيلية وأخرى فلسطينية هي رؤية مستقبلية بعيدة جدا وشبه مستحيلة، بالنظر والتقدير من هنا من فوق هذا المرتفع. وهذا ما اعترف به هابيك للصحافين المرافقين له فيما بعد. لكن وكما يقال يجب عدم اليأس وفقدان الأمل.

حماية البيئة كسياسة سلام؟

وبحسب هابيك، تكاد لا تكون هناك منطقة تعاني من التغير المناخي مثل الشرق الأوسط، وهذا يجبر الدول على التعاون رغم كل خلافاتها. هل يمكن لمحاربة ظاهرة الاحتباس الحراري وعواقبها أن توفر آفاقا للتعايش السلمي في هذه المنطقة المتوترة؟ في الحقيقة تريد إسرائيل الحصول على المزيد من الكهرباء من الطاقة المتجددة في السنوات المقبلة. ونظرا لعدم وجود مساحة كافية في إسرائيل، سيتم بناء مثل هذه المرافق في الأردن وفقًا لاتفاق عقد في تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي. في المقابل تريد إسرائيل تزويد الأردن الذي يعاني من جفاف مزمن بالمياه. هابيك متحمس للخطة: "ربما يمكن الاقتراب أكثر من حل سياسي للنزاع في الشرق الأوسط من خلال العلاقات الاقتصادية بشأن قضايا الطاقة".

 روبرت هابيك مع رئيس وزراء السلطة الفلسطينية محمد اشتيه في مؤتمر صحفي مشترك في رام الله
هناك خسائر ومشاعر وعواطف لدى الطرف الآخر أيضا.. روبرت هابيك مع رئيس وزراء السلطة الفلسطينية محمد اشتيهصورة من: Britta Pedersen/dpa/picture alliance

زيارة مكثفة وسريعة

أنجز وزير الاقتصاد وحماية المناخ الألماني خلال أربعة أيام برنامج عمل حافلا ومكثفا جدا: لقاءات ومحادثات مع العديد من الوزراء في إسرائيل، بينهم رئيس الوزراء نفتالي بنيت، ومع ممثلي المجتمع المدني ومجموعات حقوق الإنسان، وزيارة متحف تاريخ الهولوكوست "ياد فاشيم". ثم انتقل إلى رام الله حيث التقى أيضا حركة البيئة "EcoPeace" التي يعمل فيها موظفون من إسرائيل والأراضي الفلسطينية والأردن معا.

ومن رام الله سافر إلى الأردن، حيث افتتح هناك مؤتمرا حول الطاقة وحماية المناخعلى البحر الميت، ثم التقى العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني في العاصمة عمان. ثم زار مخيما للاجئين السوريين وزار الجنود الألمان في قاعدة الأزرق، المشاركين في التحالف الدولي لمحاربة تنظيم "الدولة الإسلامية" الإرهابي.

هل يستعد هابيك ليصبح مستشار ألمانيا مستقبلا؟

ليست كل هذه القضايا تتعلق وتدخل ضمن اختصاصات وزارة هابيك، أي وزارة الاقتصاد وحماية المناخ، وإنما تتعلق بدوره كنائب للمستشار، ونهجه السياسي. كل شيء متشابك ومتداخل مع بعضه البعض: سياسة البيئة هي سياسة السلام والسياسة الأمنية والخارجية. فالنزوح ليس سببه الحروب فقط، وإنما شح المياه أو أن مناطق كاملة تصبح غير صالحة للعيش بسبب الحرارة الشديدة. فالتغير المناخي أدى إلى تفاقم الصراعات القائمة بالفعل، على عكس الرؤى المستقبلية التي يحملها هابيك.

ليس القليل من الصحافيين الذين يرافقون هابيك، يعتقدون أنه يحضر نفسه للترشح لمنصب المستشار خلال الانتخابات المقبلة عام 2025. وفي الحقيقة هو الآن في الكثير من استطلاعات الرأي السياسي الأكثر شعبية في ألمانيا؛ لكن هابيك ليس لديه سوى ابتسامة متعبة لهذه الأفكار، ويقول "إذا أوقف بوتين إمدادات الغاز إلى ألمانيا وأصبح لدينا نقص في الإمداد في الشتاء، من المسؤول عن ذلك؟ طبعا أنا!" والتقييمات الشعبية ليست سوى لحظات عابرة.

لكن وعلى عكس جولات هابيك السابقة إلى الخارج منذ اندلاع حرب أوكرانيا، لم تكن مسألة تأمين بديل للغاز الروسي، على رأس جدول أعمال هذه الزيارة إلى الشرق الأوسط. صحيح أن إسرائيل تخطط لمد خط أنابيب غاز عبر تركيا لتزويد أوروبا بالغاز من حقلين قبالة سواحلها في البحر المتوسط؛ إلا أن هابيك متشكك فيما إذا كان هذا جيدا بالنسبة لألمانيا وأوروبا: "استثمار سيتم إنجازه خلال سبع إلى تسع سنوات، وهو في الحقيقة غير ضروري. إذ إننا، وأنا أتوقع ذلك، نريد أن نتخلص من الوقود الأحفوري كمصدر للطاقة. وعلى المدى الطويل سيكون التعاون مع دول الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في مجال الطاقة قائما على مصادر الطاقة المتجددة".

روبرت هابيك في مخيم الازرق للاجئين السوريين في الاردن
زار هابيك مخيم الأزرق للاجئين السوريين في الأردن حيث التقى بعضهمم وتأثر بوضع الأطفالصورة من: Britta Pedersen/dpa/picture alliance

هابيك يتقدم بفكرة عفوية!

في الأردن زار هابيك مخيم الأزرق للاجئين في شرقي البلاد بالقرب من الحدود السعودية، والذي يأوي 39 ألف لاجئ سوري، كثيرون منهم يعيشون هناك منذ عام 2014. المخيم نظيف والجهود التي تبذل لتمكين الناس من العيش هناك واضحة. وتوجد مدرسة يقوم فيها معلمون أردنيون بتعليم أطفال اللاجئين الذين ولد كثيرون منهم في المخيم. لكن الآفاق المستقبلية لهؤلاء التلاميذ قاتمة، حيث فقط القليل من الناس هنا يجدون طريقا إلى سوق العمل في الأردن، والعودة إلى سوريا المدمرة غير واردة بالنسبة إليهم.

في مخيم اللاجئين خطرت على بال هابيك فكرة عفوية: إنه يريد أن يرى فيما إذا كان يمكن لبعض الأطفال والشبان، الذين تأثر بوضعهم، أن يتعلموا الألمانية ويتم جلبهم بعدها إلى ألمانيا بموجب برنامج تأهيل خاص، وقال "من الواضح أننا لدينا حاجة هائلة للكوادر المتخصصة والأيدي العاملة". لكن هابيك ليس مسؤولا عن قضايا سوق العمل والهجرة إلى ألمانيا.

ألمانيا والشرق الأوسط: سياسة الخطوات الصغيرة

وهكذا انتهت زيارة هابيك، التي أوضحت الدور الذي يمكن أن تلعبه ألمانيا في الشرق الأوسط مستقبلا: القضايا الكبرى والنزاعات المركزية لا تستطيع ألمانيا حلها، ولا أحد من خارج المنطقة يستطيع حلها في الوقت الراهن، وحتى الولايات المتحدة تتجنب طرح مبادرات جديدة للسلام في الشرق الأوسط.

لكن هابيك والحكومة الألمانية يريدان أن يساهما في حل المشاكل الصغيرة من خلال التعاون في مجال حماية البيئة ومساعدة اللاجئين بمن فيهم الذين في المنطقة. "ألمانيا لا تنسى الشرق الأوسط"، هذه كانت رسالة هابيك، رغم أن حرب أوكرانيا تزيح الكثير من القضايا إلى الخلف.

ينس توراو/ ع.ج/ص.ش