1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

خبير اقتصادي تونسي: النظام التربوي لم يكن يلبي حاجيات سوق العمل

٢٦ يناير ٢٠١١

شرارة الثورة التونسية بدأت اجتماعية واقتصادية قبل أن تتحول إلى مطالب سياسية أدت إلى انهيار نظام بأكمله. دويتشه فيله حاورت الوزير التونسي المستقيل والخبير الاقتصادي عبد الجليل البدوي حول تداعيات الثورة على اقتصاد البلاد.

https://p.dw.com/p/10388
توقعات بأن يكون الموسم السياحي عادياً في تونس هذا الصيف بعد عودة الهدوءصورة من: DW

دويتشه فيله: ما هي أهم القطاعات الإنتاجية التي كان الاقتصاد التونسي يعتمد عليها في عهد الرئيس السابق بن علي، وما هي مكامن الخلل فيه على ضوء الثورة التونسية؟

عبد الجليل البدوي: أهم القطاعات التي كانت وما تزال محركا أساسيا للتنمية في تونس تعتمد على الأسواق الخارجية في مجالات محددة، أهمها قطاع الميكانيك والالكترونيات والكهرباء، ثم قطاع النسيج والملابس وأخيرا قطاع السياحة. وكلها قطاعات موجهة للخارج وتضررت نسبيا من الأزمة الأخيرة.

ولعل أهم ميزة في هذه القطاعات هو تشغيلها ليد عاملة لا تتطلب مهارات وخبرة وشهادات عليا. وهذا ما يفسر كون النسيج الاقتصادي في وادٍ، والمؤسسات التربوية في وادٍ آخر. وهي مؤسسات تسير في اتجاه معاكس تماما بتركيزها على "إنتاج" أصحاب الشهادات العليا.

هل هذا ما يفسر في نظرك، أنه رغم كون التقارير الدولية تصنف أداء الاقتصاد التونسي عادة في المراتب الأولى مغاربيا وأحيانا إفريقيا، ومع ذلك فالاقتصاد ظل عاجزا عن استيعاب العاطلين عن العمل من حاملي الشهادات؟

هذا سبب رئيس في نظري، إذ أن النسيجين الاقتصادي والتربوي لا يلتقيان بحكم وجود اختلال بين العرض والطلب في سوق العمل، اختلال يعاني منه حاملو الشهادات العليا.

أما تفسير المراتب الأولى التي تمنح للاقتصاد التونسي في تصنيفات المؤسسات الدولية فيعود لكون النظام السابق، كان يطبق بكل جدية توصيات وتعليمات هذه المؤسسات، توصيات تحرص على تحقيق نسبة نمو متواصل مع الحفاظ على التوازنات النقدية والمالية الكبرى. وهي سياسة تتجاهل التوازنات الواقعية المتعلقة بالبطالة وتوزيع الثروة والتوازن بين الجهات. هذه كلها عوامل كانت مختلة إذ أصبحت آليات السوق تتحكم بالتنمية كلها، فظهر نوع من قانون الغاب؛ ما أدى بدوره إلى اندلاع الغضب والثورة.

Insel Djerba, Touristen auf dem Markt in Midoun, Medenine, Tunesien
خبراء يتوقعون استعادة قطاع السياحة التونسي لعافيته الموسم المقبل في حال استقرت الأوضاع السياسية بسرعة.صورة من: picture-alliance / Bildagentur Huber

المطالب الاجتماعية والاقتصادية كانت من المحركات الرئيسية للثورة التونسية، ألا يخشى من أن يكون حجم انتظار الجماهير الشعبية أكبر مما يمكن للاقتصاد التونسي تقديمه؟

أعتقد أن الجماهير الشعبية واعية بأن حل معضلات انعدام التوازنات هدف لا يمكن تحقيقه بسرعة. ثم إذا تحقق تغيير حقيقي في اتجاه دعم الديمقراطية بمعناها الواقعي فإن الاعتبار سيعود للمؤسسات كما إلى العدالة واحترام الحقوق، والانضباط في تطبيق القوانين وبصفة غير استثنائية. وكلها خطوات ستعيد الثقة إلى المؤسسات، وهو ما سيحث بدوره الناس على المبادرة والخلق والإبداع وبالتالي إصلاح التوازنات في الاقتصاد على المدى المتوسط والبعيد.

هناك مخاوف من تأثر السياحة بالاحتجاجات وأحداث العنف، كيف تقيمون درجة هذا التأثر على المدى المنظور، خصوصا وأن كبريات شركات السياحة الأوروبية ألغت كل حجوزاتها إلى تونس؟

الوقت هو فصل شتاء في تونس، وهو فصل غير سياحي وبالتالي إذا وقع نقص فسيكون نسبيا وضعيفا، ولكن التخوف يكمن في كون هذه الفترة، فترة حجوزات بالنسبة للموسم السياحي المقبل. وهو أمر مرتبط إلى حد كبير برؤى وتنبؤات وكالات السفر.

أعتقد شخصيا أن هذه الأزمة لن تدوم وسيعود الاستقرار قريبا، وأتوقع أن يكون الموسم السياحي المقبل عاديا. ثم إن هناك العديد من السياح الذين لم يغادروا تونس تضامنا وتعاطفا مع الثورة، وهؤلاء غالبا ما ينتمون لمنظمات حقوقية وأحزاب. أنا أترقب أن تلعب هذه الجمعيات دورا في توعية الرأي العام الغربي ودفعه إلى مناصرة الثورة التونسية وبالتالي الدفع في اتجاه عدم التراجع عن الاستقرار في تونس.

أفراد العائلة الحاكمة في عهد الرئيس السابق كانوا تسيطرون على قطاعات واسعة من الاقتصاد التونسي، الآن بعد رحيلهم، كيف سيتأثر الاقتصاد بهذا الغياب المفاجئ؟

نشاط جميع المؤسسات مستمر إلى حد الآن بشكل طبيعي، مثلا بنك الزيتونة الذي أنشأ من طرف الصهر المدلل الماطري، أصبح يسير من طرف البنك المركزي التونسي، وبالتالي هو مستمر في نشاطه، ولم يحدث أي تغيير بهذا الصدد. ونفس الأمر ينسحب على الشركات التابعة لهم وهي شركات لها أطرها، والوحيد المتغيب هو الرئيس المدير العام. إذا الأنشطة لم تتوقف.

Tunesien Unruhen Demonstranten Flash-Galerie
عبد الجليل البدوي: التناقض بين سوق العمل والنسيج التربوي من أسباب اندلاع الثورةصورة من: AP

هل تعتقد أن الثورة التونسية ستؤثر بشكل ما على العلاقة مع الشريك التجاري الأول لتونس وهو الاتحاد الأوروبي؟

تصريحات الاتحاد الأوروبي التي صدرت لحد الآن تذهب في اتجاه منح تونس وضعية الشراكة المتميزة، وهو نفس الوضع الذي منح للمغرب. وكان الاتحاد الأوروبي مترددا في عهد بن علي وغير متحمس لمنح هذا الوضع لتونس في غياب الحريات والديمقراطية. وهذا معناه أن الاقتصاد التونسي سيستفيد الآن أكثر من علاقته بأوروبا.

تعتبر ألمانيا الشريك الاقتصادي الثاني أو الثالث لتونس، ماذا يمكن لتونس أن تنتظره في المرحلة المقبلة من أكبر اقتصاد أوروبي؟

نحن نترقب من كل البلدان الأوروبية وخصوصا من شركائنا الألمان، تقديم مساعدات وقروض بنسبة فائدة منخفضة، وتشجيع رجال الأعمال الألمان على الاستثمار في تونس، وخاصة في الصناعات ذات القيمة التقنية العالية لاستيعاب حاملي الشهادات العليا. كل هذا من شأنه تحسين أداء الاقتصاد التونسي.

أجرى الحوار: حسن زنيند

مراجعة: عارف جابو

عبد الجليل البدوي خبير اقتصادي لدى الاتحاد العام للشغل في تونس، وأستاذ الاقتصاد في جامعة تونس، وأحد الوزراء المستقيلين من الحكومة المؤقتة التي كان محمد الغنوشي أعلن عنها بعد هروب الرئيس المخلوع زين العابدين بن علي.

تخطي إلى الجزء التالي اكتشاف المزيد

اكتشاف المزيد