1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

زنغا زنغا ـ مشاريع خاصة لشباب مغامرين من لبنان

١٤ أكتوبر ٢٠١١

يطلقون العنان لأفكار مبتكرة ولا يهابون الفشل. شباب لبنانيون يغامرون في بلدهم عبر إنشاء أعمال خاصة بهم بدلا من السفر و"الغربة القاسية في دول الخليج وأوروبا وأميركا". دويتشه فيله قابلت ثلاثة منهم وكان التحقيق التالي.

https://p.dw.com/p/12qnU
هيثم شمص يترك سلك الوظيفة ويؤسس شركة إنتاج خاصة بهصورة من: DW/Dareen Al Omari

"منذ أن كنت صغيرا، كان لدي حلم بأن أفتح يوما ما حانتي الليلية الخاصة" بهذه الكلمات يعبر أحمد حيدر (31 عاما) عن شغف الطفولة والمراهقة الذي تحول واقعا في أيام الشباب. مارس أحمد مهنة الصحافة لفترة ست سنوات في إحدى الصحف اللبنانية، قبل أن يكتشف أنه ذهب بعيدا جدا عن حلمه. فهو لم يشعر يوما بالرضا الذاتي "فالدخل الشهري كان قليلا ولا يكفيني كشاب للانطلاق في حياتي إضافة إلى أن المدراء غالبا ما ينتقدون الموظف رغم تفانيه في عمله"، يقول أحمد شاكيا من وضع معظم الشباب اللبناني.

بعد أن ترك الوظيفة وفي الفترة الانتقالية التي سبقت البدء بمشروعه الخاص، تمكن أحمد من مواجهة العروض المغرية التي كانت تأتيه للعمل في الخارج. ويقول في هذا الإطار: "شعرت أني أشبه السمكة التي لا تستطيع التنفس خارج الماء، كما أني لا أستطيع الهجرة خارج بلدي".

لم تكن الطريق إلى إنشاء مشروع خاص به سهلة، حيث تطلبت الفكرة عامين ونصف لتصبح واقعا ملموسا. لكن ما ساعده على تحدي العوائق وأبرزها المالية في ظل عدم وجود سياسات وطنية تساعد الشباب على الاستثمار في مشاريعهم الخاصة، هو أنه قرر وزميله السابق في الصحيفة، التي عمل بها، أن يدخلا شريكين في المشروع، مما سهل أكثر حصولهما على قرض مصرفي خولهما لخوض مغامرة الانطلاق في مشروع "الحانة الليلية".

Ahmad Haidar, Unternehmer in Beirut, Libanon
أحمد حيدر يحقق حلم حياته ويفتح حانة باسم زنغا في بيروت، في شارع الحمراصورة من: DW

اليوم وبعد أن انتهت كل التحضيرات الخاصة بالمشروع، يقول أحمد بحماسة شديدة "أشعر بجرعة عالية من التفاؤل، خاصة أننا فعلنا ما بوسعنا كي لا نغفل عن أي أمر ونجعل المشروع قريبا من المثالية". ثقة كبيرة لدى الشاب الثلاثيني تعززها دائرة المعارف التي يحظيان بها وهو زميله من خلال عملهما بالصحافة، إضافة إلى ابتكار أسلوب جديد للحانة يتيح لها القدرة على التنافس مع مثيلاتها في المدينة من خلال طابع مبتكر يدمج بين الكلاسيكية والحداثة. اسم الحانة "زنغا"، هذه الكلمة التي صارت على كل شفة ولسان بعد خطاب العقيد القذافي الذي هدد فيه معارضيه. حلم أحمد حيدر سيبصر النور بعد أيام قليلة في شارع الحمرا في بيروت، والهدف أن يشعر رواد الليل أنها بيتهم الثاني، حيث يتسامرون، ويضحكون، ويفرغون همومهم حتى بزوغ خيوط الفجر الأولى.

رب عمل .. فسحة الأمل

"فرجت أخيرا" هاتان الكلمتان تكفيان للتعبير عن فسحة الأمل التي يشعر بها هيثم شمص (33 عاما) بعد طول مخاض لم يجد نفعا بالعمل كموظف في العديد من المؤسسات اللبنانية. أخيرا، وبعد أن عمل لأكثر من عشر سنوات في فن الإخراج، تمكن من إنشاء شركته الخاصة للإنتاج منذ أشهر قليلة. "اليوم أشعر بلذة في التعب.. شعور افتقدته لسنوات"، يقول هيثم الذي لم يشعر سابقا بالراحة بسبب عبء المعيشة التي تحاصر الشباب اللبناني فتضطره إلى العمل في وظيفتين وأكثر بالوقت نفسه. بعد حرب تموز في العام 2006، أغلقت العديد من المؤسسات في لبنان وكان هيثم من بين شباب متضررين كثر فقدوا وظائفهم. يقول في هذا الإطار "أحسست بشعور من الاختناق يتآكلني يوميا وليس بيدي أي حيلة لأكبحه".

ما شغله في تلك الفترة هو السؤال الأهم في حياة أي شاب لبناني "كيف أستطيع العيش وتلبية الأولويات والمستحقات الأساسية، لأن الحياة المثالية يستحيل الوصول إليها في بلدي"؟. "حالة من الإحباط المستمر" دفعته كثيرا للتخطيط للسفر إلى الخارج. وعلى الرغم من العروض المثيرة التي تلقاها، يقول هيثم "كنت دائما أجد عذرا كي لا أسافر". ويضيف "امتلكني شعور قوي للتمسك أكثر من أي وقت مضى بالبقاء في لبنان. فأنا لم أحب يوما الهجرة ولا أحسد عليها أحدا".

"حينها فكرت جديا بالتخطيط لإنشاء مؤسستي الخاصة للإنتاج"، يقول المخرج الشاب، لكن الواقع كان أقسى من أي فسحة أمل أو مغامرة محسوبة لعدم وجود الإمكانيات المادية ورأس المال اللازم لإنشاء مشروعه الخاص، إلى أن أتى الغيث من أحد الأقرباء الذي تكفل بتمويل المشروع. "كان العرض قارب نجاة ينقذني من الغرق ولحظة ثمينة لن أنساها"، يقول هيثم.

ساحرة الشوكولاته

Junge Unternehmer in Libanon
هالة خضري تركت عملها وتفرغت لصناعة الشوكولاتهصورة من: DW/Dareen Al Omari

"يعيش الإنسان مرة واحدة"، تقول هالة خضري (31 عاما) بعد أن تركت عملها السابق كموظفة في إحدى شركات التأمين اللبنانية للتفرغ كليا لصناعة الشوكولاته. اكتشفت هالة شغفها بصناعة الشوكولاته بعد زيارة قامت بها لإحدى البلدان الأوروبية حيث تذوقت نوعا خاصا من الشوكولاته يصنع في فترة الميلاد. "لن أنسى اللذة التي انتابتني وقطعة الشوكولا تذوب في فمي"، تقول هالة. بعد عودتها إلى بيروت، سعت هالة إلى البحث عن وصفات جديدة ومبتكرة للشوكولاته لا توجد في لبنان. "كانت سعادتي لا توصف بأني استطعت أن أصنع شوكولاته بالطعم ذاته الذي سحرني في أوروبا". هالة باتت ترسل هذا النوع من الشوكولا كهدية إلى من تحب في مناسبات معينة. بعد سنوات قليلة تحول شغف الشابة بصناعة الشوكولاته إلى حرفة، حين ازداد الطلب على النوع المميز الذي تصنعه، على الرغم من أن هدفها في الأصل لم يكن ماديا كما تقول، بقدر ما هو شغف بأن تجعل كل من تحب سعيدا من خلال الشوكولا.

تزامن انغماسها في "عالم الشوكولاته السحري"، مع اتخاذها قرارا "لن تندم عليه". لقد تركت الوظيفة في شركة التأمين التي كانت تعمل بها. "ببساطة لم أكن سعيدة في عملي التقليدي"، تقول هالة بعد أن قضت ثماني سنوات في العمل. "أشعر أن حياتي ضاعت خاصة أني لم أحقق شيئا ولم أترق في عملي لأن النظام اللبناني لا يسمح للموظف بالتطور أو الترقي بسبب المحسوبيات".

تثق هالة بمشروعها الخاص لأن "كل البشر يحبون الشوكولاته، فكيف إذا كانت صناعة منزلية لا تحتوي على أي نكهات إضافية أو مواد حافظة". "فتاة الشوكولاته" تحلم بمشاريع مستقبلية كافتتاح "بيت لتذوق الشوكولاته" في جو مميز وحميم، وهو مشروع سيكون الأول من نوعه في لبنان والعالم العربي.

دارين العمري ـ بيروت

مراجعة: أحمد حسو

تخطي إلى الجزء التالي اكتشاف المزيد

اكتشاف المزيد