1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

سبعة عشر عاما على سقوط الجدار: برلين الرابح والخاسر معا

دويتشه فيله + وكالات (ن.ش.)٩ نوفمبر ٢٠٠٦

رغم مرور 17 عشر عاما على انهيار جدار برلين الذي يصادف اليوم 09 نوفمبر/تشرين الثاني 2006، ما تزال الفروق الاقتصادية والاجتماعية بين الشرق والغرب قائمة. مدينة برلين تقدم مثالا فريدا لشكل ومسار تطور الوحدة الألمانية.

https://p.dw.com/p/9NEK
الالمان شرقيون وغربيون يدا بيد فوق الجدار الذي فرقهم لعقودصورة من: AP

يعتبر يوم التاسع من نوفمبر/تشرين الثاني 1989 بمثابة نقطة تحول في التاريخ الالماني الحديث . ففي هذا اليوم أقدم الالمان على على هدم جدار برلين الذي كان أكبر شاهد على الصراع بين الشرق بقيادة المعسكر الاشتراكي بزعامة الاتحاد السوفيتي والمعسكر الغربي الرأسمالي بزعامة الولايات المتحدة. ولم يمض على انهيار ذلك الشاهد التاريخي إلا أحد عشر شهرا حتى استعادت ألمانيا وحدتها لتسدل بذلك الستار عن آخر فصل من فصول الحرب الباردة، تلك الحرب التي تركت آثارها على السياسة الخارجية الألمانية طيلة العقود الخمس الماضية. ورغم أن الوحدة تمت ببعديها القانوني والسياسي على أكمل وجه، إلا أن البعدين الاجتماعي والاقتصادي للوحدة مازالا مثار بحث وجدل في الأوساط السياسية والاقتصادية الألمانية. هذا ما يمكن قراءته في الواقع الذي تعيشه بعض المدن الشرقية وخصوصا الشطر الشرقي من العاصمة برلين.

"أيها الغربيون... شكرا لكم"

جرت العادة في كل عام أن تقوم لجنة خاصة بتقديم تقرير سنوي للبرلمان الألماني عن سير وتطور عملية الوحدة بكافة ابعادها. واليوم 09 نوفمبر/تشرين ثاني كان تقرير اللجنة للعام 2006 على بساط البحث والتقييم في البرلمان الألماني البندستاغ. كما جرت العادة في مثل هذا اليوم أيضا أن يترك العنان لشخصيات من الولايات الشرقية لكي تتحدث عن تجربتها وعن تصورها لتطور عملية الوحدة. وفي هذا السياق يقول آرنولد فاتز، السياسي الشرقي من الحزب المسيحي الديمقراطي: "ان هذا الحدث هو بحق أحد أهم الأحداث التي صبغت تاريخنا الحديث. وبالطبع نحن مدينون بالشكر والعرفان لجهات كثيرة وليس إلى المواطنين الألمان الشرقيين فحسب." ومن ضمن هذه الجهات أشار فاتز إلى الرئيس السابق للاتحاد السوفيتي ميخائيل غورباتشوف والى التحركات الشعبية في بولندا والمجر وغيرها إضافة إلى تضامن ومساندة الألمان الغربيين. وأشار فاتز إلى التطور الهائل الذي تعيشه الولايات الشرقية بقوله "تتمتع مدننا الآن بوضع اقتصادي مريح، لدينا أنهار نظيفة وهواء نقي، كما أضحينا نملك شبكة متطورة من الطرق. كل هذا ما كان ليتحقق بدون مساعدة ودعم المواطنين في الشطر الغربي، وأريد أن استغل هذه الفرصة لكي أقول شكرا لكم على كل ذلك."

تطور الشرق على حساب الغرب؟

Ein Modell des Berliner Hauptbahnhofs (Lehrter Bahnhof)
رسم افتراضي لمحطة ليرتر في برلين.صورة من: gmp

كلام الألماني الشرقي سابقا فاتز لم يأت من فراغ، فهو يعرف بالفعل ما تحقق من تطور على صعيد إعادة بناء الشطر الشرقي، حتى أن مدنا أو أجزاء منها تطورت بشكل واضح على نظيراتها في الشطر الغربي. فالزائر لمدينة برلين مثلا يجد انقساما من نوع آخر بين شرق وغرب المدينة التي كانت على مدى 40 عاما على خط المواجهة في الحرب الباردة. ففيما تظهر معالم جديدة تخطف الأنظار في الجزء الشرقي من العاصمة الألمانية، تبدو مناطق كثيرة في الغرب والتي كانت يوما نموذجا تفتخر به الرأسمالية كئيبة ومهدمة. والضربة الأحدث لغرب المدينة، كما يسميها السكان المحليون، جاءت في مايو/ أيار الماضي عندما افتتحت برلين أكبر محطة للقطارات في أوروبا في منطقة قريبة من الأرض العازلة بين شطري المدينة التي كان مقاما عليها سور برلين. وحرم هذا محطة حديقة الحيوان في برلين التي كانت محطة محورية في غرب المدينة من قطارات المسافات البعيدة التي تمر بها الآن في طريقها للمحطة الجديدة المتألقة التي تبعد أربعة كيلومترات. يشار إلى انه قبل أربعة أشهر كان يمر عبر محطة حديقة الحيوانات 120 ألفا من ركاب قطارات الضواحي يوميا. والآن تبدو المحطة هادئة على نحو مخيف. وتعليقا على ذلك قال كلاوس دييتر جروهلر، نائب رئيس حي شارلوتنبرج فيلمرسدورف الغربي "لم يعد السياح يأتون الى هنا مما يزيد من معاناة المطاعم والفنادق في المنطقة." وتابع جروهلر قائلا: "انها ضربة أخرى. نريد أن نتأكد من أن تحسين الشرق لن يؤدي الى تدمير الغرب."

برلين الشرقية عاصمة الثقافة والمثقفين

Himmelsblumen am Potsdamer Platz
ساحة بوتسدام الواقعة في الشطر الشرقي تمثل اليوم القلب النابض للعاصمة برلين.صورة من: dpa

لم تكن محطة القطارات وحدها التي تأثرت. فمقاطع طويلة من شارع كورفورستندام الذي كان من أرقى شوارع برلين الغربية عندما كانت تحتلها قوات أمريكية وبريطانية وفرنسية بعد الحرب العالمية الثانية تبدو الان مهملة وتنتشر متاجر السلع الرخيصة ولافتات كتب عليها عبارة "للايجار" على امتداد المقاهي والمتاجر. ومنذ اعادة توحيد شطري ألمانيا في عام 1990 شهدت دار الاوبرا الحديثة في برلين الغربية أوقاتا عصيبة، فيما كافحت ضد منافسة ضارية من دور الاوبرا المنافسة في شرق برلين. وأغلقت بالفعل مسارح ودور عرض أخرى. ويتعارض تراجع غرب المدينة بشكل صارخ مع ما يحدث في قلب المدينة التاريخي في شرقها السابق وهي منطقة كانت أشبه بموقع بناء خلال 15 عاما مضت، حيث تدفقت عليها مليارات اليورو من الأموال الاتحادية وأموال الولاية والأموال الخاصة. وشيدت معالم معمارية من بينها محطة القطارات المكونة من خمسة طوابق من الزجاج والصلب وسينما مستقبلية ومجمع تجاري في ساحة بوتسدام (بوتسدامر بلاتز) التي كانت أرضا خرابا قبل الوحدة. ويهجر السياح وسط غرب المدينة ويتوجهون شرقا حيث مبنى البرلمان الذي جرى تجديده بقبته الزجاجية التي صممها المعماري البريطاني نورمان فوستر وبوابة براندنبرج التي جرى تجديدها حديثا. ويرغب المهنيون الشبان في العيش في أحياء ميتي وبرينتسلاور بيرج التي تفتخر بمنازلها التي جرى تجديدها وحياة الليل الصاخبة.

بعد سبعة عشر عاما تعترف حكومة برلين التي يسيطر عليها الحزب الديمقراطي الاشتراكي والحزب الشيوعي السابق بأن غرب المدينة يحتاج الى خطة للاستثمار. من كان يتوقع ذلك في 09 نوفمبر/تشرين ثاني 1989. ولن يفاجأ أحد ان طغت دريسدن ولايبتزغ في تطورها وثراءها على مدن غربية مثل كولونيا وهامبورغ.

تخطي إلى الجزء التالي اكتشاف المزيد

اكتشاف المزيد