1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

ركود اقتصادي في سوريا ومخاوف من انهيار الليرة

١٣ يوليو ٢٠١١

مع استمرار الاحتجاجات في معظم المدن السورية تزداد مخاوف التجار من الركود الاقتصادي، فشوارع دمشق التراثية تكاد تخلو من المارة والسياح وهو ما يترقبه هؤلاء بقلق. دويتشه فيله استطلعت آراء بعض السوريين في التقرير التالي.

https://p.dw.com/p/11swk
البزورية، سوق التوابل في دمشق القديمةصورة من: Stefanie Markert

"قطعة قماش بطول مترين باتت هي الحل لتأمين معيشة عائلتي". بهذه الجملة بدأ أحد تجار الأقمشة في سوق الحميدية حديثه مع دويتشه فيله وهو يصف وضع تجارته منذ بداية الاحتجاجات المناهضة لنظام الرئيس السوري بشار الأسد. فقد انقطع المشترون عن متجره، الذي كان بالكاد يخلو من الزبائن، بعد رواج ما بات يعرف بتجارة البسطات. وانتشرت هذه البسطات بكثرة في سوريا منذ بداية الاحتجاجات الشعبية وأصبحت تنافس التجار على أرزاقهم بما تقدمه من بضاعة رخيصة الثمن.

ويتابع التاجر الدمشقي، الذي يعرف نفسه لدويتشه فيله بـ "أبو محمد" حديثه بالقول "من بداية الأزمة ما كان في شغل، وهلأ (الآن) الشغل مات، عم نتعامل مع الوضع بحذر وترقب وما في (لا يوجد) بإيدنا نعمل شي لأن الأزمة على كل سوريا، ما في شي ببلاش بدنا نقدم تنازلات"، لكنه لا يفصح عن هذه التنازلات التي عليه أن يقدمها.

الأزمة لا تستثني أحدا

Unruhen in Syrien
انتشرت تجارة البسطات في سوريا مؤخراصورة من: dapd

ولا يختلف موقف هذا التاجر عن موقف شريحة كبيرة من السوريين تعيش تحت وطأة الضغوط الاقتصادية التي فرضتها الاحتجاجات الشعبية التي عمت معظم المدن السورية. فحسب العديد من الخبراء الاقتصاديين فإن الناس يعملون لساعات أقل وبعض الشركات اضطرت إلى التخلي عن جزء من موظفيها لعدم قدرتها على دفع رواتبهم. وفي هذا الإطار يقول مدير عام إحدى الشركات التجارية في دمشق لدويتشه فيله إن "الأزمة حاليا هي التي تقودنا؛ وهي ليست أزمة اعتيادية. لقد اضطررنا إلى تخفيض ساعات الدوام للموظفين لتقليص مصاريف الشركة والبعض لم يناسبه ذلك ولم نستطع الاستجابة لمتطلباتهم فوافقنا على التخلي عنهم".

ويبدو أن القطاع السياحي هو الأكثر تأثرا بهذه الأزمة فالعديد من السياح قاموا بإلغاء حجوزاتهم بسبب الخوف من الوضع الأمني السيئ الذي تعيشه البلاد. وفي هذا الإطار يقول محمد سامي "كنت أعمل شيف بثلاث مطاعم لتأمين لقمة عيشي أما الآن فالمطاعم شبه فارغة وحاليا أعمل بمطعم واحد فقط بسبب الظروف الأمنية للمناطق التي تقع المطاعم بداخلها والتي يسيطر عليها الأمن وبالتالي لا أحد يرتادها وحاليا أبحث عن عمل في مناطق أكثر أمانا".

تراكمات الماضي تغذي الأزمة الحالية

"وعلى مدى العقود الماضية عانى الكثير من السوريين من الضغوط الاقتصادية نتيجة ارتفاع معدل البطالة والفساد وانتشار ظاهرة الرشوة وسيطرة الوضع الأمني على مختلف مناحي الحياة أدت إلى شعور السوريين بالحاجة الماسة إلى الإصلاح السياسي والاقتصادي"، حسب خبير اقتصادي سوري رفض الكشف عن اسمه وآثرنا أن نرمز إلى اسمه في هذا التقرير ولأسباب أمنية بـ (ع ر). ويشدد هذا الخبير بأن هذا الإصلاح لن يتحقق "إلا بالتغيير وإسقاط النظام".

Regierungsanhänger Kundgebung in Damaskus Flash-Galerie
مؤيدون للرئيس السوري بشار الأسد يتظاهرون في الأسواق القديمة بالقرب من الجامع الأمويصورة من: picture alliance/dpa

ويضيف الخبير (ع.ر) قائلا "الأمور لم تختلف عما كانت عليه في السابق، أي قبل نشوء الأزمة الحالية. فحتى هذه اللحظة لا توجد قوانين اقتصادية شفافة تسمح بالتعامل والتبادل النقدي بالشكل المطلوب. ولا أبالغ إذا قلت إن عددا كبيرا من التجار تتم معاملاتهم من تحت الطاولة وعن طريق السوق السوداء. وإن لم يفعلوا ذلك فما عليهم إلا الجلوس في بيوتهم لأنهم لن يحققوا أي ربح".

المخاوف من تراجع كبير في سعر الليرة

منذ بداية الأزمة والسوريون متخوفون من هبوط أو حتى انهيار العملة السورية وهو ما دفع بالعديد من رجال الأعمال وكبار التجار إلى تحويل أرصدتهم إلى عملات صعبة أكثر استقرارا كاليورو والدولار. وبحسب رأي مصرفي مهم في البنك التجاري السوري، رفض الإفصاح عن هويته أيضا، حول هذه الأزمة فإن "الشعب هو الذي يخلق أزمته عن طريق تحويل أمواله إلى عملة صعبة؛ فالموضوع عرض وطلب وكان البنك مضطرا لمعالجة هذه الوضع أن يقوم بفرض قيود على تحويل العملة في سوريا لكي تحافظ الليرة السورية على قيمتها".

ويرد الخبير الاقتصادي (ع.ر) على ذلك بالقول "رأس المال جبان بطبعه، كما يقولون. فمعظم التجار يقومون الآن بتحويل أجزاء من رؤوس أموالهم، ولو بالحدود الدنيا، إلى عملة صعبة بحيث يكونون في مأمن من أي تغييرات؛ وإذا انهارت الليرة السورية لا تنهار مؤسساتهم" .

Syrien Demonstration Facebook NO FLASH
صورة وزعتها وكالة سانا السورية الرسمية لمتظاهرين شبان ضد نظام الرئيس الأسد في حي برزة الدمشقيصورة من: picture-alliance/dpa

من جانب آخر يرى البعض أن الإصلاحات التي قام ويقوم بها الرئيس السوري بشار الأسد استجابت لمطالب المواطنين وخاصة في النواحي الاقتصادية. لكن رغم ذلك هناك عوامل أخرى ساهمت في حصول أزمة اقتصادية في البلاد، بغض النظر عن الحركة الاحتجاجية، وهي حسب الصناعي نبيل يبرودي "ارتفاع سعر المازوت والمواد الأولية المستوردة من البلد الأم وقلة الوعي والثقافة الاقتصادية لدى الشعب السوري ليستوعب القرارات الاقتصادية وتطبيقها بشكل صحيح ".

الاقتصاد هو الورقة الأخيرة

ويرى كثير من المحللين أن الاقتصاد بات الورقة الأخيرة بيد النظام السوري والتي يجب أن يربحها لكي يستطيع الاستمرار ويكسب المعركة ضد الاحتجاجات الشعبية المستمرة منذ أربعة أشهر. فالاقتصاد، حسب هؤلاء، كان ومازال "يشكل عاملا كبيرا في شعبية الأسد الذي يقدم نفسه كرئيس إصلاحي ومجدد. ومن هنا يرى المؤيدون لحكمه أن الإصلاحات التي يقوم بها ستساهم في انتعاش الاقتصاد السوري وما هي إلا مسألة وقت حتى يلمس جميع السوريين آثارها.

بينما يرى المحتجون والمعارضون لحكمه أن الرئيس بشار الأسد أخذ فرصته الكافية لتطبيق الإصلاحات التي ينادي بها الآن خلال إحدى عشرة سنة قضاها في الحكم منذ أن خلف والده عام ألفين. ويشدد هؤلاء بأنه لا سبيل لتحسين الوضع الاقتصادي في سوريا إلا برحيل نظام الأسد ومراجعة جميع القوانين الاقتصادية بشكل جذري.

نورا الشعلان ـ دمشق

مراجعة: أحمد حسو

تخطي إلى الجزء التالي اكتشاف المزيد

اكتشاف المزيد