1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

"شاب فدى المصلين بروحه" خلال محاولة تفجير مسجد الدمام

منى علي٣١ مايو ٢٠١٥

عبد الجليل عاد من أمريكا حيث كان يدرس إلى موطنه السعودي ليتزوج، وبعد 4 أيام فقط من زواجه قُتل هو وأخوه "أثناء صدهما تفجيرا انتحاريا تبناه داعش" على مسجد خلال صلاة الجمعة شرق السعودية. DW عربية زارت عم الفقيدين بالدمام.

https://p.dw.com/p/1FZsV
Abdul-Jalil al-Arbash
عبد الجليل الأربش عندما كان طالبا في المرحلة الثانوية عام 2009صورة من: Haidar Abdulla

لم يكن يعلم عبد الجليل الأربش (25 عاما) الذي عاد لموطنه لقضاء الإجازة الصيفية من الولايات المتحدة الأمريكية وعقد قرانه يعلم أنه سيواجه مصير القتل على يد متشدد، من منتمي تنظيم "الدولة الإسلامية" الذين أعلنوا في أكثر من مناسبة عن استهدافهم للمسلمين الشيعة. وكما حصل في السعودية مؤخرا، أعلن التنظيم مسؤوليته عن الهجومين الانتحاريين على مسجدين للشيعة في المنطقة الشرقية، اعتبر أنهم "من المشركين والكفرة، الذين يجب القضاء عليهم".

عبدالجليل الذي كان يدرس الهندسة الكهربائية في جامعة دبليو إس يو في ولاية كنساس، عاد قبل أسبوعين إلى موطنه، الدمام بالمملكة العربية السعودية، بعد أن كانت والدته قد وجدت له فتاة تقاسمه حياته، كما هي العادات والتقاليد في هذا البلد المحافظ. فعقد قرانه عليها يوم الإثنين 25 مايو/ أيار 2015، ليودعها الجمعة الماضي ذاهبا إلى الموت.

ضحية محاولة تفجير مسجد الإمام الحسين

عم الضحية، محمد الأربش (26 عاما) الذي شغلت صورته بلباسه المهندم وسائل الإعلام، يقول لـDW: "جاء (عبد الجليل) لموطنه قبل أسبوعين، حيث وقع تفجير مسجد الإمام علي في منطقة القديح القريبة منا، عندما استهدف انتحاري مسجدا للشيعة، راح ضحيته 21 من أهالي المنطقة، فكان الخبر كالصاعقة علينا جميعا وخصوصا على الأخوين محمد وعبدالجليل اللذين راحا ضحية تفجير مسجد الإمام الحسين في الجمعة التي تليها".

Die Familie von Abdul-Jalil al-Arbash
عبد الجليل الأربش الثاني من اليمين متوسطا أفراد عائلته خلال وجودهم في مكة المكرمة.صورة من: Haidar Abdulla

ويضيف: "نحن مجتمع متدين ومحافظ، ونحب رسولنا الأعظم وأئمتنا ومستعدون للتضحية من أجلهم، لذا تطوع الأخوان عبدالجليل وأخوه محمد، في الثلاثينيات من عمره وأب لطفلين، ليكونا ضمن طاقم لجنة نقاط التفتيش في خارج ساحة المسجد يوم الجمعة" 29 مايو /أيار 2015.

عبدالجليل كان يأتي إلى السعودية في كل صيف، خلال السنوات الثلاث الأخيرة، أي منذ أن بدأ الدراسة في الولايات المتحدة الأمريكية، واعتاد هو والرجال في عائلته على الصلاة في مسجد الإمام الحسين كل يوم جمعة، وبالإضافة للأيام العادية، فهو يأتي من عائلة متدينة ومحافظة كما يوضح عمه.

"الضحيتان افتديا المسجد والمصلين بنفسيهما"

ويقول محمد الأربش: "بقي محمد شقيق عبدالجليل مفقودا ليوم كامل، إلى أن تبين لنا أنه كان الشخص الذي احتضن الإرهابي لإبعاده عن المسجد قدر الإمكان لتقليل عدد الضحايا، قبل أن يفجر الإرهابي نفسه، ولم يترك من محمد جسما يمكن التعرف ليه، فقد تفجر جسده إلى أشلاء، وكذلك الإرهابي الذي جاء لينفذ عمليته أثناء صلاة الجمعة".

ويضيف الأربش: "عبدالجليل كان يقف خلف أخيه، عندما وقع التفجير، فقد كانوا يحاولون إخراجه من ساحة المسجد التي دخل إليها الإرهابي عنوة بعباءة نسائية سوداء، قبل أن ينفذ عمليته الإرهابية".

Abdul-Jalil al-Arbash
عبد الجليل الأربش وهو يرتدي لباس الإحرام استعدادا لأداء فريضة العمرة قبل عدة أعوام.صورة من: Haidar Abdulla

ويصف الأربش، ابن أخيه عبدالجليل الذي كان يطلق عليه اسم "جليل" اختصارا بأنه شاب ذو روح مرحة، يحب الهندام ويهتم بمنظره، كما كان له نشاطات رياضية، فهو يهوى ركوب الدراجات النارية، وكان يمارس هذه الهواية في المملكة العربية السعودية والولايات المتحدة الأمريكية.

ويضيف: "ولكن حبه لدينه وللإمام الحسين كان كبيرا جدا، وهو ما جعله يضحي هو ومن معه من أجل المصلين ومن أجل حماية بيت الله في هذا اليوم الجليل، يوم الجمعة، وهو عيد المسلمين".

ويتحدث عم الفقيدين بشجون عما وصفهم بالأبطال، الذين فدوا المصلين بأرواحهم، فقد كان الأربش داخل المسجد أثناء الصلاة، وسمعوا دوي انفجار قوي، واهتزت أركان المسجد الذي تعرض زجاج نوافذه للضرر، فسارعوا للخروج قبل أن يجدوا أشلاء بشرية في كافة زوايا المسجد والدخان يرتفع، والأصوات تعلو من هول الصدمة.

استعداد لمواجهة التهديدات

كانت عدد من الحسابات على مواقع التواصل الاجتماعي تابعة لمتشددين ينتمون لتنظيم الدولة الإسلامية (داعش) قد هددت باستهداف الشيعة في الجزيرة العربية، فبعد تفجير القديح، توالت التهديدات بتفجيرات بأحزمة ناسفة وسيارات مفخخة، حتى بلغت التهديدات الدولة الشقيقة، البحرين ذات الأغلبية الشيعية.

وعن ذلك يقول الأربش: "كانت هناك تهديدات واضحة لكل شيعة المنطقة، ولكننا مصرّون على أن هذه التهديدات لن تخيفنا ولن تجعلنا نتراجع ونختبئ في بيوتنا، فنحن فخورون بمذهبنا وديننا ونحافظ على صلاتنا، ومن هنا جاءت فكرة خلق لجان لنقاط التفتيش للحفاظ على الأرواح".

عبدالجليل، هو الرابع والأخير في ترتيب الذكور في أسرته، بالإضافة لأخت خامسة، وكان هو الوحيد الذي لم يتزوج بعد، وأرادت والدته أن تشاركه هذه الفرحة، فاختارت له شريكة حياته التي قضت معه آخر أربعة أيام في حياته، قبل أن يودعها الجمعة، مؤكدا لها أنه "مستعد للشهادة في حال كان ذلك من أجل دينه والإمام الحسين"، بحسب تعبيره.

تخطي إلى الجزء التالي اكتشاف المزيد

اكتشاف المزيد