1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

فنون الشارع في بلاد الأرز: ظاهرة خجولة بطلها الهيب هوب

معمر عطوي ــ بيروت ١٨ فبراير ٢٠١٤

لم تصبح فنون الشارع في لبنان بعد ظاهرة لافتة كما في أوروبا، حيث يلجأ عازفون إلى تقديم عروض فنيّة مقابل بعض سنتات من المارة. غير أن بعض الفنون التي تُقدّم في الشارع تكاد تنحصر بمناسبات مُنظّمة من جمعيات أو هيئات بلدية.

https://p.dw.com/p/1B9y6
Straßenkünstler in Libanon
صورة من: DW/M. Atwi

رغم قيام بعض الشباب من هواة موسيقى الـ Hip Hop و Break Dance بتقديم عروض مجانية بين فترة وأخرى في بعض ساحات بيروت أو على كورنيش البحر، يظهر بين وقت وآخر عازف عود هنا أو عازف كمان هناك، محاولاً تقديم ما لديه من إبداع مقابل ما يجود به المارة من نقود قليلة. لكن هؤلاء الفنانين قلة ونادراً ما يظهرون ليخرقوا رتابة المشهد اليومي للعاصمة. لكن ثمة عروض أخرى لهواة الدراجات الهوائية تتم على الكورنيش وتجذب إليها الكثير من المتنزهين. مع ذلك تبقى ظاهرة فنون الشارع خجولة في بلاد الأرز رغم انفتاحه على العالم وموقعه كصلة وصل بين الغرب والشرق.

حبّاً بالرقص

لعل الفتيان الصغار وفئة المراهقين هم أكثر من يرضي ذائقة عاشقي فنون الشارع، وإن كانت الشريحة الأكبر من متابعيهم هي من الجيل نفسه تقريباً، إذ يحتشد المارة في العديد من الأمسيات في مكان ما من شارع الحمراء المشهور بمتاجره ومقاهيه ومسارحه وحاناته العامرة ليلاً، ليقدّموا بعض حركات من رقصاتهم التعبيرية من نمط Break Dance، مستعينين بآلة تسجيل صغيرة قد تفي بالغرض.

بيد أن هؤلاء لا يقومون بآدائهم هذا من أجل المال، بل فقط حبّاً بالرقص كما يقول أمين غازي. يقول هذا الشاب الذي لم يتجاوز الثامنة عشرة من عمره لـ DW عربية، إن "حب الرقص يدفعني الى تقديم عروض مجانية خلال أيام الإجازات المدرسية، فأنا لا زلت طالباً ثانوياً لكني أتعلّم الرقص في معهد خاص في رأس بيروت. ما يدفعني لذلك هو حب هذه الثقافة وتاريخها العريق، إذ أشعر من خلالها أني أعبّر عن مشاعري براحة نفسية".

خارج الطوائف

وعن سر لجوء شاب لبناني من ثقافة مختلفة عن البيئة التي نشأت فيها فنون الـ Hip Hop الغربية، يقول غازي "الفكرة الأساسية هي البحث عما يجمعنا كلبنايين خارج أسوار التعصب الطائفي. لذلك نحن نرقص هنا من دون أن يسأل بعضنا الآخرعن طائفته أو مذهبه. نجتمع تحت راية الرقص بغض النظر عن أي انتماء ديني".

Straßenkünstler in Libanon
بسام يحيى وعلاء حلاني: رقص على إيقاعات الهيب هوبصورة من: DW/M. Atwi

يؤكد الشاب الذي بدا متحمّساً لتقديم ما لديه من رقصات أن يقوم مع رفاقه بالرقص في الشارع من دون أي إزعاج من رجال الشرطة، مشيراً الى تفاعل العديد من المارة معهم وبعضهم يسأل "أين تدربتم؟".

كذلك بسام يحيى، يتحدث عن محاولات دؤوبة يقوم بها مع رفاقه لتطوير أنفسهم، فهو يتقن رقص الـ Hip Hop منذ ثلاث سنوات، ويتابع تعليمه في الثانوية. لا يشتكي يحيى أثناء حديثه لـ DW عربية، من "مشكلات مع الأهل" بسبب هوايته، لكنه يؤكد وجود هذه المشكلة مع بعض المحافظين والمتدينين بحجة أنه نمط غربي، قائلاً "حتى إن البعض يمنعنا من الرقص". ويؤكد يحيى أنه ورفاقه يقومون بما يحبون ولا يريدون مالاً في المقابل.

بعيداً عن المخدرات

أما علاء حلّاني، الذي بدا وكأنه أكبرهم (21 عاماً)، فتحدث عن مشكلة عدم توفّر مدارس كافية لتعليم هذه الفنون، قائلاً "نتعلّم من الأفلام لنستلهم حركات جديدة ونحن أيضاً نبتكر من عندنا". لذلك يعمل هذا الشاب على مشروع لتطوير الرقص وإنجاحه في لبنان، رغم انشغاله بدراسة العلوم المصرفية في الجامعة.

ويتابع حلّاني لـ DW عربية، أن هذه الهواية تصرف الشباب عن تعاطي المخدرات والحشيش وتجعل منهم رياضيين يعملون بالمثل المعروف: "العقل السليم في الجسم السليم".

ربما كان يوسف أصغر أعضاء الفرقة (15 عاماً)، ومع ذلك يحب الرقص، لكنه يجعل الأولوية لمدرسته، معتبراً أن هذه الهواية ثقافة جديدة يحبها ولا يجد صعوبة في تعلمها، كما أوضح لـ DW عربية.

للمارة أيضاً آراؤهم في ذلك، ففيما يشعر مروان أن هذا الرقص في الشارع "غير ملائم لمجتمعنا" ويثير الغرائز ويخالف "تعاليم ديننا"، تنبري فتاة، ورغم انها مُحجّبة، من بين الحضور لتسأل عن كيفية تعلّم هذا الرقص "الجميل التعبيري الراقي". لعل هذه التناقضات، التي هي من طبيعة المجتمع اللبناني، تسمح بوجود مناطق متفاوتة في درجة تعاطيها مع الفرح وحب الحياة.

الدرّاجات أيضاً

على كورنيش عين المريسة، كان نحو سبعة شبان يقومون بعروض على الدراجات الهوائية لا تخلو من مخاطر، لكن جماليتها جذبت العديد من المارة وممارسي الرياضة المسائية في هذه المنطقة. عن هذه الهواية يوضح الشاب أنس، لـ DW عربية، أنه لا يأتي بشكل منتظم إلى هذا المكان للمشاركة في تقديم العرض إنما تتم بشكل تلقائي، مشيراً الى أن شرطة البلدية ورجال الدرك يمنعونهم أحياناً من ممارسة هذه الهواية، بحجة إزعاج المارة.

Straßenkünstler in Libanon
حركات بهلوانية تجذب المارة ويسرهم متابعتها على الكورنيش في بيروتصورة من: DW/M. Atwi

لكن الحشد الهائل من المتفرجين يؤكد أن فنون الشارع في لبنان لها جمهورها ومتذوقو جماليتها، طالما أنها لا تزال مجانيّة. فعازف العود السبعيني الذي يجلس على كورنيش المنارة، اختفى فجأةً، ربما لعدم سخاء مستمعيه، كما يقول عامل النظافة لـ DW عربية. كذلك عازف الكمان الذي لم يكن يحظَ بمستمعين في شارع الحمراء، لم يعد يظهر، إمّا بسبب مضايقة رجال الشرطة له أو لعدم تعوّد الشعب اللبناني على دعم فنانين لم يجدوا فرصة تنصفهم في أروقة الفرق الموسيقية أو المؤسسات الفنية، فاحتضنهم الشارع.

تخطي إلى الجزء التالي اكتشاف المزيد

اكتشاف المزيد