1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

في اليوم العالمي لحرية الصحافة - مخاطر تحيط بصحفيي السودان

عماد حسن
٣ مايو ٢٠٢٤

مع مرور عام على الحرب بين قوات الجيش وميليشيا الدعم السريع، تستمر معاناة الصحفيين السودانيين وتتواصل المخاطر المحيطة بعملهم. ورغم التحذيرات الدولية لطرفي النزاع من عواقب التعرض للصحفيين تبقى الاستجابة شبه منعدمة.

https://p.dw.com/p/4fQj9
قائد الجيش السوداني ورئيس مجلس السيادة عبد الفتاح البرهان في زيارة لأم درمان - يونيو 2019
يقول صحفيون سودانيون إن من يعمل في مناطق تقع تحت سيطرة الجيش أو الدعم السريع غالباً ما يكون محل شك ما لم ينشر أخباراً تدعم الطرف الذي يتواجد على أرضهصورة من: Ashraf Shazly/AFP/Getty Images

في الثالث من مايو/ آيار من كل عام يحل اليوم العالمي لحرية الصحافة، وهو اليوم الذي حددته منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة "اليونسكو" لتذكير الحكومات بضرورة احترامها لحرية الصحافة، وضمان بيئة إعلامية حرة وآمنة للصحفيين.

ويتعرض الصحفيون في عدة بؤر ساخنة حول العالم للكثير من التهديدات، بدءاً من الضغوط السياسية والنفسية وانتهاء بالاعتقال وحتى الاغتيال والقتل. وفي السودان، يواجه العاملون من المجال الصحفي والإعلامي الكثير من المخاطر المحدقة.

اتهامات من الطرفين

وتسيطر قوات الجيش التابعة لرئيس مجلس السيادة السوداني الفريق عبد الفتاح البرهان، والذي يقع مقره في بورتسودان، على المناطق الواقعة شرق النيل، فيما يسيطر محمد حمدان دقلو، المعروف أيضًا باسم "حميدتي”، قائد قوات الدعم السريع على أجزاء واسعة من الخرطوم ويسيطر على عدة مدن رئيسية في دارفور وغرب البلاد.

وحاولت DW عربية التواصل مع عدد من الصحفيين داخل السودان لكنهم امتنعوا عن الإدلاء بتصريحات، وقالوا إن الأجهزة الأمنية التي كان نشاطها قد خَفًتَ في أعقاب الثورة السودانية عادت بشكل أكثر شراسة. وقال بعضهم إن الكثيرين منهم يتم تتبع هواتفهم المحمولة وتحركاتهم في الوقت الحالي.

وفي اتصالات هاتفية مع عدد منهم، أكد صحفيون سودانيون أنهم تعرضوا لاتهامات من جانب طرفي النزاع بالعمل لحساب الجانب الآخر، ما أسفر في حالات عن اعتقال بعضهم والاعتداء بالضرب على البعض الآخر، حتى وصل الأمر إلى القتل والاغتيال.

اعتقال وإهانة وقتل

وكان صحفيون غادروا السودان ذكروا لـ DW عربية أنه حتى وقت قريب كان مجرد إبراز بطاقة الهوية الصحفية كفيل بتعريض حياة الصحفي لخطر داهم، ما دفع الكثيرين منهم إلى عدم التعريف بنفسه كصحفي تجنباً للإهانة والاعتقال وحتى القتل.

وقال محمد الأسباط رئيس تحرير منصة مشاوير نيوز الالكترونية إن "هناك عدد كبير من الصحفيين والصحافيات تم قتلهم، بعضهم قُتل بشكل مباشر من قبل الطرفين المتحاربين وبعضهم قُتل بسبب القصف خلال قيامهم بعملهم المهني".

وأضاف خلال حوار هاتفي مع DW عربية أن "حياة الصحفي اليوم داخل السودان في خطر، لأنه إذا كنت موجود في مواقع الدعم السريع مثلاً ولم تنشر دعاية لهم فسيتم تصنيفك بأنك عميل للجيش، وإن كنت في مواقع الجيش ولم تنشر مواد دعائية له فإنك تعتبر بحسب استخبارات الجيش عميل للدعم السريع".

ويقول الصحفي السوداني إنه بحسب نقابة الصحفيين السودانيين فإن أكثر من 90% من الصحفيين السودانيين إما مهجرين ولاجئين خارج السودان أو نازحين داخل البلاد، ونظراً لصعوبة الحصول على عمل صحفي فقد لجأ بعضهم لامتهان مهن أخرى غير الصحافة. وأضاف أنه "في بعض مناطق سيطرة الدعم السريع تم إبعاد صحفيين أجانب وهو ما حدث أيضاً في بعض المناطق سيطرة الجيش ..كلا الطرفين اعتقل ونكل بالصحفيين".

وقال صحفيون سودانيون لـDW عربية -رفضوا ذكر أسماءهم- إنه لا أحد يعمل في المجال الإعلامي يشعر بالأمان داخل السودان سوى من يعمل في المؤسسات الحكومية وداخل مناطق سيطرة الجيش، بل إن حتى العاملين في مؤسسات صحفية دولية - يفترض أن توفر لهم بعض الأمان - يشعرون بالخوف ايضاً.

وعلى مواقع التواصل الاجتماعي، ذكر صحفيون وشهود عيان حالات اعتداء تعرض لها صحفيون كما تعرضت مقرات صحف ووسائل إعلام مختلفة للتخريب والتدمير المتعمد.

وأفاد اتحاد الصحفيين السودانيين أن عدداً من المقرات الصحفية والإعلامية تم تحطيمها ونهب المعدات منها وخصوصاً محطات الإذاعة والتلفزيون العامة، وأنه تم بيع تلك المعدات على أرصفة المدينة.

وتعرضت قناة النيل الأزرق للمصير نفسه، حيث تمت سرقة جميع معداتها وعرضها للبيع في سوق أم درمان. كما تعرضت ثلاث وسائل إعلام بارزة أخرى، وهي قناة سودان 24 وقناة البلد ومكتب هيئة الإذاعة البريطانية في الخرطوم، للتخريب والنهب بحسب الاتحاد الذي دعا كافة المنظمات الإقليمية والدولية المعنية بحرية الصحافة إلى استنكار ما يحدث، والعمل على إيقافه.

وأفاد صحفيون سودانيون أنه خلال الأشهر الماضية، توقفت 26 صحيفة مطبوعة عن الصدور كما توقفت عشر محطات إذاعية وطنية عن البث، فيما أغلقت سبع محطات إذاعية محلية أبوابها، ولا تزال اثنتان فقط تبثان بشكل متقطع.

كيف يحصل السودانيون على المعلومة؟

قبل الحرب كانت مصادر المعلومات متنوعة، ما بين صحف وإذاعات ومحطات تلفزيونية ومواقع على شبكة الانترنت، وذلك على الرغم من التضييقات الشديدة والملاحقات التي كانت تتم في عهد الرئيس السابق عمر البشير.

وحتى بعد الحرب، يَفرِضُ كلا طرفي النزاع قيوداً شديدة على الصحفيين وعلى المؤسسات الإعلامية. وكانت وزارة الاعلام التابعة للحكومة السودانية قد أصدرت قراراً بوقف بعض القنوات الفضائية عن العمل داخل السودان لأسباب مختلفة ثم أعيد جزئياً للعربية والحدث، فيما لم يعد إلى سكاي نيوز حتى الآن.

يقول الدكتور محمد تورشين الصحفي والباحث في الشأن الأفريقي إنه يمكن إن تقسيم الفئات التي تحصل على المعلومات إلى ثلاث فئات: الفئة الأولى هي التي تحصل على معلوماتها من وسائل الإعلام الرسمية وهي التلفزيون الرسمي وكذلك الإذاعة وبعض الصحف التي أصبحت تصدر في نسخ إلكترونية باعتبار أنها تثق في الأخبار التي تأتي من قبل السلطات الرسمية.

وأضاف خلال حوار هاتفي مع DW عربية أن الفئة الثانية هي مجموعات لا تثق في السلطات الرسمية وتحصل على معلوماتها أو على الأخبار عن طريق وسائل الإعلام الخارجية بمختلف توجهاتها وانتماءاتها وأيضاً عن طريق وسائل التواصل الاجتماعي. وأضاف: "هنا في تقديري تكمن المشكلة باعتبار أن هناك جهات لديها مصلحة في تغذية وسائل التواصل الاجتماعي بالأخبار التي ترغب فيها، وهنا يُطرح السؤال حول مصداقية ما ينشر من أخبار عن طريق هذه الوسائط".

أما الفئة الثالثة بحسب الدكتور الأسباط فهي "مجموعة غير مهتمة ولا تشغل بالها بالحصول على المعلومات وذلك بسبب الوضع الذي هي عليه الآن لأسباب مختلفة منها التواجد في أماكن نزوح أو لجوء ولا يكون لديها قدرة على الوصول إلى المعلومات ولا إمكانية الحصول حتى على مذياع أو تلفاز لتسمع الأخبار أو حتى تليفون بمواصفات جيده تمكنهم من متابعة الأخبار، لأن هناك انعدام تام للخدمات الأساسية كالكهرباء والانترنت".

ويشير الأسباط إلى أنه منذ أن استعاد الجيش السيطرة على مقر الإذاعة والتلفزيون في أم درمان فإن البث الرسمي للإذاعة والتلفزيون لم ينقطع "لأن محطات البث متواجدة في بعض المناطق التي تسيطر عليها السلطات السودانية والجيش السوداني، فبالتالي هنالك توفر للتيار الكهربائي وكذلك حتى للإنترنت".

وكانت منظمات سودانية قد حاولت مؤخراً الاتفاق مع شركة ستارلينك التابعة للملياردير الأمريكي إيلون ماسك لتوفير خدمات الانترنت الفضائي لاستعادة اتصال السودانيين بالعالم، وهي المحاولات التي باءت بالفشل.

وأخطرت شركة سبيس إكس، مشغل خدمة الإنترنت ستارلينك، المشتركين في السودان بأنها ستتوقف عن العمل في البلاد اعتباراً من 30 أبريل. وقال خبراء سودانيون إن قرار تعليق الخدمة جاء بعد اعتراضات من شركات الاتصالات في السودان على تشغيل خدمة ستارلينك في البلاد، مما دفع وزارة الاتصالات إلى تقديم شكوى إلى سبيس إكس تطالب بوقف الخدمة في السودان بسبب عدم وجود تراخيص مسبقة للشركة.

تحذيرات دولية

ورغم أن المواثيق والأعراف الدولية تؤكد على ضرورة حماية الصحفيين خصوصاً في مناطق النزاع لكن من الواضح أن طرفي القتال - الجيش والدعم السريع - لم يتعاملا بالشكل المناسب مع هذا الأمر.

وكانت منظمة مراسلون بلا حدود قد دعت طرفي القتال في السودان غير ذات مرة إلى الالتزام بحماية الصحفيين، وذكرت بأنهما يمكن أن يتعرضا للمسؤولية الجنائية إذا تعرض الصحفيون للقتل أو الإصابة، خصوصاً إن تم ذلك الأمر بشكل متعمد.

وقال خالد درارني ممثل منظمة مراسلون بلا حدود في شمال أفريقيا إنه "يجب تذكير طرفي الحرب أنهما قد يتحملان المسؤولية الجنائية في حالة حدوث اعتداءات على السلامة الجسدية للصحفيين، الذين يحميهم القانون الدولي في حالات النزاع، ولا يجوز تحت أي ظرف من الظروف استهداف الصحفيين أو اعتقالهم أو احتجازهم بسبب قيامهم بعملهم، وستتم محاسبة مرتكبي هذه الجرائم".

ووثقت نقابة الصحفيين السودانيين مقتل عدد من الصحفيين منهم المصور الصحفي عصام حسن مرجان والمصور الصحفي عصام الحاج والصحفية سماهر عبد الشافع.

وبحسب تقرير سابق لمنظمة مراسلون بلا حدود فإن من بين الضحايا الإعلاميين عمار ضو، مراسل قناة السودان 24 وموقع الساقية برس، الذي تعرض للاعتداء والضرب على يد شرطي في القضارف، لمجرد تصوير سيارة شرطة للتقرير الذي كان يعمل عليه.

كما ذكر التقرير حالات اختطاف لصحفيين، فعلى سبيل المثال اختطف مراسل وكالة السودان للأنباء محمد عبد الرحيم من أمام منزله في العاصمة الخرطوم، في 3 ديسمبر/كانون الأول، في حين تم اختطاف بهاء الدين أبو قاسم، الصحفي في صحيفة أخبار اليوم اليومية، في أوائل ديسمبر/كانون الأول بحسب ما أبلغت شقيقته زملائه، ووفقاً لما ذكرته نقابة الصحفيين السودانيين. ولم ترد أي أخبار عن أي منهما منذ ذلك الحين.