1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

لاجئو أوكرانيا.. من أتون المعارك إلى بيروقراطية ألمانيا

١ أبريل ٢٠٢٢

وصل أكثر من 300 ألف لاجئ من أوكرانيا إلى ألمانيا خلال الشهر المنصرم فرارا من أتون المعارك الدائرة في بلادهم، بيد أن الكثير منهم يواجهون تحديات كبيرة في ألمانيا لا سيما البيروقراطية التي تشتهر بها البلاد.

https://p.dw.com/p/49Iz0
قطار خاص يصل إلى مدينة هانوفر الألمانية حاملا لاجئين من أوكرانيا
أصبحت مدينة هانوفر الألمانية نقطة تجمع رئيسية للاجئين الفارين من الحرب في أوكرانيا صورة من: Ole Spata/dpa/picture alliance

عشية اندلاع الحرب الروسية في أوكرانيا، قرر الزوجان أليونا ودينيس الفرار من العاصمة كييف. قاما بوضع أمتعتهما في حقائب وجلسا عليها انتظارا لحلول الظلام حتى يتمكنا من الفرار.

ومع حلول الساعة الرابعة فجرا استقل الزوجان الشابان حافلة وانطلقا صوب الغرب، بيد أنهما تلقيا اتصالا هاتفيا من والدة دينيس تفيد بأنها لا تزال في كييف وأنها تسمع دوي الانفجارات الأولى.

وبعد مرور أسابيع قليلة، وصل الزوجان إلى محطتهما الأخيرة وهي مدينة هانوفر، وهو ما وفر لهما الفرصة لسرد قصة الفرار من  أوكرانيا  داخل مركز للاجئين في المدينة الواقعة بوسط ألمانيا.

ويستقبل المركز أعدادا كبيرة من اللاجئين يوما بعد يوم، حيث تم إنشاؤه لتخفيف الضغط عن مركز في برلين كان الوجهة الرئيسية للاجئين الأوكرانيين.

ومع استمرار تدفق الأوكرانيين الفارين من الحرب إلى ألمانيا، قامت السلطات بإنشاء مركز آخر لاستقبال اللاجئين في مدينة كوتبوس، بشرقي ألمانيا وهي قريبة من حدود بولندا.

وقرب  الحدود الألمانية - البولندية  ومع منتصف النهار، ينطلق قطار من بلده قرب الحدود المشتركة فيما يعمل متطوعون على تقديم كمامات ومياه ومواد غذائية لقرابة 258 لاجئا، كانوا على متن هذا القطار، بمجرد وصوله المحطة.

أما الأشخاص الذين يتعين عليهم المضي قدما في السفر فيمكنهم الحصول على تذاكر سفر من ثلاثة مكاتب تم إنشاؤها بشكل مؤقت، فيما يقدم آخرون بطاقات (سيم كارد) خاصة بالهواتف المحمولة للاجئين، قبل مغادرتهم محطة القطارات صوب وجهتهم القادمة.

وبمجرد الوصول إلى مدينة هانوفر، يكون أمام اللاجئين ثلاثة خيارات تتمثل في استقلال قطار آخر أو التوقف في مركز قريب للاجئين لنيل بعض الراحة أو استقلال حافلة تتجه بهم إلى مدينة أخرى تحددها لهم السلطات الألمانية.

متطوعون في خدمة اللاجئين

وبمجرد وصول الحافلة التي تحمل على متنها الزوجين أليونا ودينيس (كلاهما 23 عاما) إلى مدينة هانوفر، لم يكن لديهما أي معرفة عن وجهتهم المقبلة، إذ إنهما لم يتمكنا من تسجيل أنفسهما لدى السلطات الألمانية.

بيد أنه  وبسبب الصراع الدائر في أوكرانيا، تسمح الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي بمنح حماية فورية مؤقتة للاجئين الأوكرانيين من حاملي جوازات السفر "البيومترية"، تمكنهم من الدخول إلى الاتحاد الأوروبي دون حاجة إلى تأشيرة.

ومنذ اندلاع الحرب في 24 فبراير / شباط الماضي، جرى تسجيل دخول 300 ألف لاجئ أوكراني إلى ألمانيا.

ألمانيا: برلين كوجهة للاجئين الأوكرانيين

وفي إطار تقديم المساعدات للاجئين الأوكرانيين، قررت كريستينا فيرزبيكا (54 عاما)، وهي تعمل في مختبر بشكل دائم في مدينة كولونيا، تكريس ساعات من وقتها للعمل كمتطوعة لمساعدة اللاجئين على ملء الوثائق الرسمية ومرافقتهم إلى المكاتب الحكومية.

وقالت إنها قامت الأسبوع الماضي بمرافقة ثلاث سيدات، فررن من المعارك التي عصفت بمدينة لفيف الأوكرانية، إلى مكتب الهجرة لتقديم طلب بهدف الحصول على تصاريح إقامة مؤقتة.

وبسبب التزاحم، اضطرت النساء الثلاث إلى الوقوف في طابور لأكثر من ست ساعات وقبل أن يأتي دورهن، تم إغلاق المكتب للشروع في استراحة الغداء.

وفي ذلك، أبدت فيرزبيكا استغرابها من حرص الموظفين والموظفات على استراحة الغذاء في ظل هذه الأوقات الطارئة، إذ كان ينبغي عليهم العمل لساعات إضافية، على حد وصف فيرزبيكا.

وتنخرط فيرزبيكا في جهود التطوع ضمن جمعية مسجلة، تعرف باسم "كوني قوية" (seiSTARK e.V)، تقدم يد العون إلى اللاجئات، فيما تؤكد السيدة الألمانية أن المتطوعات يضطررن باستمرار إلى دفع ثمن الطعام والأدوية وغيرها من احتياجات أساسية لتقديمها إلى الفارين من الحرب الروسية في أوكرانيا.

يشار إلى أن اللاجئين واللاجئات يحق لهم الحصول على مساعدة مالية فور استنفاد مدخراتهم الخاصة، بيد أنه يتعين عليهم الانتظار لقرابة أسبوعين لمقابلة مسؤولي مكتب الرعاية الاجتماعية.

تكنولوجيا المعلومات واللاجئون من أوكرانيا

إشادة من السياسيين

وحظي العمل التطوعي الذي تقوم به فيرزبيكا وغيرها، على إشادة من المسؤولين والسلطات الألمانية، حيث أكد فيدي بوشنر، المسؤول في وزارة الداخلية، على أهمية مشاركة وانخراط منظمات المجتمع المدني مع تدفق أعداد كبيرة من اللاجئين. وأضاف "لا تعمل الدولة فقط من خلال أجهزتها وإنما أيضا من خلال المجتمع المدني. هذا جيد وشيء يثلج الصدر".

ولم تتوقف الإشادة بالجهود التطوعية على مستوى المسؤولين المحليين بل وصل الأمر إلى سياسيين بارزين على المستوى الاتحادي في البلاد ومن بينهم وزيرة الداخلية الألمانية نانسي فيزر. وقالت الوزيرة إن الأمر بأسره يتعلق "بتقديم المساعدة بطريقة غير بيروقراطية".

ولم تحظ هذه الإشادة بقبول لدى المتطوعين والمتطوعات مثل إميتيس بول التي قامت بتأسيس جمعية "كوني قوية" في مدينة كولونيا، حيث تنظم عمل 15 متطوعة مثل فيرزبيكا.

وتقوم المتطوعات بمساعدة اللاجئات الأوكرانيات على إيجاد مسكن بل والقيام بالترجمة إلى الألمانية وتساعدهن أيضا على التعامل مع النظم البيروقراطية في البلاد.

وعن ذلك، قالت إميتيس إنها تتلقى اتصالات هاتفية كثيرة بشكل يومي من سماسرة عقارات بشأن توافر شقق تصلح للسكن، بيد أن السلطات المعنية في المدينة لم تجد بعد طريقة سريعة وبسيطة لتغطية تكاليف الإيجار.

وأضافت "يتعين على السلطات النظر في هذه الأمور من منظور إنساني وليس من منظور إداري ولو لمرة واحدة. جميع الجهات المانحة تقدر الجهود التي نبذلها خاصة تصرفنا بشكل سريع وغير بيروقراطي".

إميتيس بول، مؤلفة كتاب "كن ألمانياَ للمبتدأين"
تقود إميتيس بول الأعمال التطوعية لمساعدة اللاجئات الأوكرانيات في ألمانياصورة من: Parham Farajollahi

وفق ما أعلنت الأمم المتحدة، فإن عدد الذين فروا من اوكرانيا منذ بدء الغزو الروسي قد وصل إلى قرابة 3.6 مليون شخص فيما تقدر وزيرة الخارجية الألمانية أن يرتفع العدد إلى أكثر من ثمانية ملايين شخص.

وتسارع الحكومة الاتحادية والسلطات المحلية في بذل الجهود لمواجهة هذا السيناريو، بيد أن الأمر يكتنفه الكثير من الغموض إذ لا يُعرف حتى الآن الجهة التي سوف تخصص الأموال اللازمة لتوفير المسكن ووسائل النقل والإعانات الاجتماعية وحتى إنشاء مكاتب جديدة لتسجيل اللاجئين بدعم من الجيش الألماني.

وفي هذا السياق، قالت عمدة العاصمة برلين فرانسيسكا غيفي إن حوالي ثلثي إجمالي عدد اللاجئين من أوكرانيا تمكنوا من العثور على مسكن من خلال "قنوات خاصة"، فيما لم ترد حتى الآن أي أنباء عن عمليات سداد أو تقديم مساعدات مالية للمتطوعين.

إعادة توزيع اللاجئين .. مشكلة أخرى

وفي النهاية، تأتي قضية إعادة توزيع اللاجئين الأوكرانيين في ألمانيا، حيث تقوم السلطات بتوزيع اللاجئين على الولايات الست عشرة وفقا لعائدات الضرائب وعدد السكان في كل ولاية.

بيد أن الولايات والبلديات تشعر بأنها مثقلة بالأعباء وسط تزايد الدعوات لإنشاء آلية خاصة بإعادة توزيع اللاجئين على مستوى الاتحاد الأوروبي.

أما أليونا ودينيس، ففي الوقت الذي باتت فيه قضية مصيرهما بعد الوصول إلى ألمانيا الهاجس الأكبر، استطاعا حتى الآن تدبير تكلفة البقاء في نُزل رخيص، فيما أصبح وجود مرحاض خاص بالأسرة وبعض الخصوصية أبسط الأماني.

ماتيس ريشتمان / م ع/ ص.ش