1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

لمياء ك.- آثار امرأة التحقت بتنظيم داعش الإرهابي

١٥ أغسطس ٢٠١٨

سافرت لمياء ك. مع ابنتيها أولا إلى سوريا ثم إلى العراق لتلتحق بتنظيم "داعش" الإرهابي. وفي 2017 اعتقلتها السلطات العراقية وحكمت عليها بالسجن المؤبد. تفقد آثار امرأة خدمت في صفوف التنظيم الإرهابي.

https://p.dw.com/p/334mV
Irak Bagdad Todesstrafe für Massaker an Soldaten in Tikrit
صورة من: picture-alliance/AP Images/K. Kadim

في الحقيقة يجمع الكل على أن لمياء ك. كانت امرأة "عادية"، وغير ملفتة للانتباه، كما تصفها إحدى السيدات التي تعرفها. في عام 2014 جمعت لمياء أمتعتها وسافرت مع ابنتيها إلى سوريا للالتحاق بتنظيم "داعش" الإرهابي. ومن خلال حوارات مع معارف وأصدقاء سابقين تتكون صورة عن امرأة متعلمة يناهز عمرها 50 عاما ابتعدت عن محيطها الاجتماعي.

لمياء ك. تنحدر من عائلة من الطبقة الوسطى في الرباط بالمغرب. سافرت في التسعينات إلى ألمانيا لدراسة الأدب الألماني بفضل منحة بمدينة ترير حيث تعرفت على الرجل الذي اعتنق الإسلام من أجلها وأنجبت معه ثلاثة أطفال، ولد وابنتان.

في ترير المدينة الجامعية الهادئة لا يوجد سوى عدد قليل من النساء من أصول أجنبية، لذلك كان التعارف قويا بين هذه الفئة من الناس، كما تتذكر ألمانية من أصل مغربي التقت أحيانا مع لمياء لتناول مشروب. وهي تتحدث عن امرأة واثقة من نفسها لا تهاب النزاع وتقول رأيها بكل وضوح. "عادية" و"غير ملفتة" و "ليبرالية" و "منفتحة"، كلمات تتردد باستمرار في الحوارات مع الناس الذين عرفوا لمياء ك.

امرأة تغيرت فجأة

ولاحقا انتقلت العائلة إلى مدينة ماينتس في وسط غرب ألمانيا حيث كان يشتغل زوج لمياء. حينها طرأ تحول في شخصية المرأة المنفتحة الليبرالية التي أصبحت شخصية أخرى قررت الذهاب مع أطفالها إلى الحرب. "لا يمكن لي تفهم هذا الأمر، إنه أمر لا يمكن تخيله"، تلخص إحدى السيدات التي تعرفها هذا التحول.

Deutschland Mutmaßliches IS-Mitglied vor Gericht in München
عضو مفترض في داعش أمام المحكمة في ميونيخصورة من: picture-alliance/dpa/S. Hoppe

 

انفصلت لمياء ك. عن زوجها عندما كان الأطفال صغارا وسافرت معهم لبضعة شهور إلى المغرب ثم رجعت إلى ألمانيا حيث أقامت معهم في الجنوب الغربي بمدينة مانهايم. ولا يُعرف لماذا انتقلت إلى مانهايم، ربما كان لديها هناك أصدقاء. وعاشت لمياء وعائلتها هناك في عزلة، تتذكر امرأة قالت بأنها أثارت الانتباه بلباسها الطويل وحجابها والبنات.

التطرف عبر الإنترنت

"لم تكن تتواصل مع أشخاص مثلنا"، تقول امرأة تنحدر أيضا من المغرب مضيفة بأن لمياء كانت منغلقة على نفسها ومتحفظة وقد "ظننت أحيانا أنها تشعر بالوحدانية".كانت تعيش مع مرور الوقت في عالم مواز: في مواقع الإنترنت حيث يتصيد التنظيم الإرهابي "داعش" مجندين جدد يمكن التأثير عليهم بسهولة. وهذا التطرف، كما يقول خبراء قد يستمر وقتا طويلا، والتحق أشخاص من عائلات مسلمة ومسيحية وأخرى غير متدينة  بالتنظيم الإرهابي مثل لمياء وابنتيها اللواتي سافرن في أغسطس/ آب 2014 إلى سوريا تاركات الأبن الصغير في البيت. وجهتهن الأولى كانت الرقة، العاصمة المفترضة لـ "داعش" ثم انتقلن إلى الموصل.

"إنها فاجعة، لا يمكن أن أفهم كيف حصل ذلك"، تقول صديقة، وتضيف: "كيف يمكن لامرأة ذات شخصية قوية أن تتأثر بهذه السهولة؟".

حالة لمياء ك. غير عادية، لأنها كانت متقدمة في السن عندما تطرفت. الكثير من مجموع ألف ألماني التحقوا بتنظيم "داعش" في 2013، حسب المخابرات الألمانية كانوا غالبا أصغر سنا ـ في منتصف العشرينات من أعمارهم وبعضهم في سن المراهقة.

تعتقد السلطات الألمانية أن نحو ثلث الأشخاص الذين التحقوا بمنظمات إرهابية في سوريا والعراق عادوا إلى ألمانيا، بينهم 50 امرأة. وتقدر وزارة الداخلية أن حوالي 270 امرأة ألمانية ما زلن مع أطفالهن في مناطق الحروب بسوريا والعراق، والعشرات منهن معتقلات مع أطفالهن في السجون والمعسكرات من قبل السلطات المحلية. ومن بين المعتقلات لمياء ك. وابنتها نادية ورضيعها الذي ينحدر من إرهابي تابع لتنظيم "داعش". والبنت الأصغر للمياء التي كانت تعاني من إعاقة جسدية ونفسية يبدو أنها قُتلت خلال هجوم بالمتفجرات، غير أن دي دبليو لا تستطيع التأكد من هذا الأمر.

النساء والقضاء العراقي

لمياء ك. ونادية مع مجموعة من نساء أخريات وأطفالهن تم اعتقالهن في 2017 من قبل جنود عراقيين في الموصل. بعد معركة دموية وطويلة حررت الوحدات العراقية الموصل من سيطرة "داعش". وتم نقل النساء والطفلة الصغيرة إلى سجن في بغداد. هناك وجب عليهن المثول بسبب ارتباطهن بتنظيم "داعش" أمام القضاء العراقي، وفي بداية السنة الحالية 2018 حكمت محكمة استثنائية على لمياء ك. بالإعدام بسبب "المساندة اللوجستية" للتنظيم الإرهابي. في أبريل/ نيسان الماضي 2018 تم تحويل العقوبة إلى السجن المؤبد. وفي أغسطس/ آب حُكم على ابنتها نادية أيضا بالسجن المؤبد. وخلال المرافعة يبدو أنها، حسب التقارير الإعلامية نفت قناعتها بإيديولوجية تنظيم "داعش"، إلا أنها اعترفت بتلقيها راتبا شهريا من التنظيم المذكور.

من جهته أكد محامي الدفاع عن نادية خلال المرافعة أنها كانت دون سن الرشد عند اتهامها. وزواج موكلته من عنصر في التنظيم الإرهابي هو بمثابة "اغتصاب من قبل مجموعة مسلحة، وليس قرارا عن طيب خاطر".

وتنتقد منظمات مدافعة عن حقوق الإنسان أن المحاكمات ضد إرهابيين أجانب وأزواجهن غالبا ما تكون سريعة، وتتم أحيانا خلال بضع دقائق، كما ان التعذيب سائد. وفي الغالب ما يلتقي المحامون موكليهم فقط خلال المرافعة. ولا يحاول القضاة التعرف على الأدلة وراء الجنح، كما قالت بلكيس ويله، خبيرة العراق من منظمة هيومان رايتس ووتش التي تابعت بانتظام المحاكمات في بغداد.

Afghanistan 2015 IS-Kämpfer mit Kindern
أطفال يدربهم داعش على الرماية في أفغانستانصورة من: picture-alliance/dpa/G. Habibi

وتتمثل المشكلة في أن السلطات العراقية تفترض أن المتهمين سافروا بمحض إرادتهم إلى سوريا أو العراق للالتحاق بتنظيم "داعش". "لذلك هناك رغبة قوية من طرف العدالة العراقية في فرض عقوبات شديدة ضد الأجانب منهم"، تقول ويله لدويتشه فيله. وويله مقتنعة من أن السلطات العراقية لا تعتمد أي استثناءات بحق النساء. " من يوجد كأجنبي في منطقة داعش يتم اتهامه مباشرة من قبل السلطات العراقية، وهذا ينطبق أيضا على النساء". ولا يظهر القضاء أي اهتمام بالتحقق من قضية ما إذا كانت النساء انتقلن ضد إرادتهن إلى سوريا والعراق.

وقالت لمياء ك. خلال استجوابها بأنها تعرفت على رجل عبر الإنترنيت صور لها كيف أن الحياة جميلة في منطقة "داعش". وقالت:" اعتقدت أنها أرض يعم فيها الإسلام العادل".

وتفيد وكالة الأنباء الفرنسية أن المحاكم العراقية حكمت على أكثر من 300 شخص، بينهم نحو 100 أجنبي بسبب الانتماء إلى "داعش" بالإعدام، والعدد نفسه حُكم عليه بالسجن المؤبد. غير أنه لا توجد إحصائيات رسمية بهذا الخصوص.

موضوع شائك في ألمانيا

الأحكام ضد مقاتلين ألمان في صفوف "داعش" ونسائهم يشكل موضوعا صعبا وشائكا في ألمانيا، فالعراق دولة ذات سيادة والدبلوماسيون الألمان لا يريدون إثارة الانطباع بأنهم يريدون معاملة خاصة لمواطنيهم. على هذا النحو تتابع السلطات الألمانية المحاكمات وتحاول من وراء الكواليس ممارسة التأثير بحذر في حال إصدار عقوبة الإعدام. الدبلوماسيون العراقيون والسلطات العراقية يدركون بأن أحكام الإعدام تمثل مشكلة بالنسبة إلى ألمانيا ويحاولون تفادي المواقف الصعبة. وتحاول وزارة الخارجية ومؤسسات ألمانية أخرى، حسب معلومات دي دبليو أن يقضي المحكومون الألمان ونساؤهم عقوبة السجن مستقبلا في ألمانيا، كما تحاول نقل النساء وأطفالهن إلى ألمانيا. ولكن لا يوجد دعم شعبي لهذه الجهود. وحتى العدد الحقيقي للنساء اللواتي يتلقين العناية القنصلية في بغداد وأربيل لا يحق لـ دي دبليو أن تنشره. وتجري، حسب النيابة العامة الألمانية تحقيقات في ألمانيا ضد نساء، إلا أن العدالة الألمانية تفيد بأن تواجد الشخص في منطقة "داعش" ليس كافيا لتوجيه التهمة إليه.

ومازال أصدقاء لمياء ك. لا يعرفون لماذا تغيرت بهذا الشكل، ولماذا التحقت مع ابنتيها بتنظيم "داعش"، وماذا فعلت هناك بالتحديد.

ناومي كونراد/ م.أ.م

تخطي إلى الجزء التالي اكتشاف المزيد

اكتشاف المزيد