1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

مآسي الغرق في البحر المتوسط.. ضغوط متصاعدة على فرق الإنقاذ

١ مارس ٢٠٢٣

عمليات الإنقاذ البحري موضع نقاش واسع في إيطاليا، ليس منذ مصرع عشرات المهاجرين بعد تحطم قاربهم مؤخرا. فالحكومة اليمينية برئاسة ميلوني تصعّب العمل في وجه منظمات الإنقاذ. ولكن هذه المنظمات التطوعية لا تفكر في الاستسلام.

https://p.dw.com/p/4O4df
سفينة الإنقاذ "سي آي 4" إلى ميناء تراباني في صقلية - إيطاليا
وصلت في نهاية عام 2021 سفينة الإنقاذ "سي آي 4" إلى ميناء تراباني في صقلية وعلى متنها أكثر من 800 لاجئ. تريد الحكومة الإيطالية الجديدة منع عمليات الإنقاذ المتعددة هذه في المستقبل.صورة من: Gabriele Maricchiolo/NurPhoto/imago images

يواصل مهاجرون محاولاتهم لعبور البحر الأبيض المتوسط ​نحو أوروبا، وهو أمر محفوف بالمهالك. ورغم ذلك يُقدم الكثيرون منهم على الأمر، آملين في مستقبل أفضل في أوروبا، وغالبا ما يأتون على متن قوارب غير صالحة للإبحار. 

وآخر هذه المحاولات حصلت نهاية الأسبوع الماضي، حيث  تحطم قارب، كان على متنه 150 شخصا على الأقل، قبالة ساحل كالابريا في إيطاليا، ولقي 62 منهم حتفهم. وفي الأسابيع القليلة الأولى من العام، ازداد عدد محاولات العبور الخطرة ومعها المشاكل التي يواجهها متطوعو الإنقاذ البحري.

وبسبب موقعها في وسط البحر الأبيض المتوسط ​​، تتحمل إيطاليا مسؤولية خاصة. فالمهاجرون الذين تطأ أقدامهم لأول مرة أراضي الاتحاد الأوروبي في إيطاليا، لهم الحق في تقديم طلب اللجوء هناك، وتصبح هي مسؤولة عن هذه الطلبات.

ولقد وصل إلى إيطاليا، منذ بداية هذا العام وحتى 24 فبراير/شباط، 14104 مهاجرين، وفقا لوزارة الداخلية الإيطالية. وهي زيادة كبيرة مقارنة بالعامين السابقين؛ حيث تم تسجيل 5345 (في عام 2022) و4304 (في عام 2021) مهاجرا على التوالي، في نفس الفترة. يذكر أن معظم المهاجرين يصلون إلى إيطاليا بمفردهم  دون مساعدة متطوعي الإنقاذ البحري.

 

ما الإجراءات التي اتخذتها رئيسة الحكومة الإيطالية ميلوني؟

رأت رئيسة الوزراء الإيطالية جيورجيا ميلوني في الحادث الأخير في كالابريا تأكيدا لموقفها الرامي إلى "وقف الهجرة غير النظامية لتجنب المزيد من المآسي". ولقد أصدر الائتلاف الحاكم، بقيادة الحزب اليميني المتطرف "أخوة إيطاليا"، مرسوما في مطلع العام يصعّب عمل منظمات الإنقاذ البحري الخاصة.

هذه القواعد الجديدة تسري فور إنقاذ الأشخاص المعرضين للخطر. حيث يجب على سفن الإنقاذ الآن الإبلاغ عن مثل هذه العملية على الفور، وتتم إحالتها إلى أحد الموانئ الإيطالية. وهذا يعني أن السفن لن تستطيع، كما في السابق، القيام بالعديد من عمليات الإنقاذ في نفس المنطقة في تتابع سريع، ثم تبحث عن مرسىً لها في أحد الموانئ.

والعقبة الأصعب هي أنه يتم غالبا تخصيص الموانئ البعيدة في النصف الشمالي من إيطاليا، لاستقبال هذه السفن.

مثال: ما حصل مع سفينة "أوشن فايكنغ" خلال  عملية إنقاذ قبالة الساحل الليبي  في منتصف فبراير/شباط، حيث تم إرسالها بعد ذلك إلى رافينا، وهو ميناء في البحر الأدرياتيكي أقرب، على الخريطة، إلى لندن منه إلى ليبيا.

كما تفرض الحكومة الإيطالية غرامات على السفن المخالفة، بشكل يصعب معه تجنبها. كما تتبنى رئيسة الوزراء ميلوني وجهة النظر القائلة بأن الدول التي ترفع علمها سفن الإنقاذ، هي التي يجب أن تكون البلد الأول الذي استقبل هؤلاء المهاجرين، والمسؤول بالتالي عن طلبات لجوئهم. وهذا يشمل خصوصا ألمانيا في كثير من الحالات.

هذه الفرضية مثيرة للجدل من الناحية القانونية، لأن عمليات الإنقاذ تتم في المياه الدولية ولأن طواقم السفن لا تتصرف بتكيلف من حكومات بلدانها.

 

كيف تتفاعل طواقم الإنقاذ البحري مع هذه الضغوط؟

بعد فترة وجيزة من الإعلان عن المرسوم، نشرت 18 منظمة خاصة للإنقاذ البحري وداعمون آخرون رسالة مستعجلة، أعربوا فيها عن "قلقهم العميق إزاء المحاولة الأخيرة التي قامت بها حكومة أوروبية لعرقلة مساعدة الأشخاص المحتاجين في البحر".

وأضافوا في الرسالة: هذا المرسوم ينتهك "القوانين البحرية الدولية وحقوق الإنسان والقوانين الأوروبية. وبالتالي يجب أن يكون هناك رد فعل واضح من المفوضية الأوروبية والبرلمان الأوروبي والدول الأعضاء في الاتحاد وبقية المؤسسات".

"من الواضح أن سفن المساعدة لا يمكن أن تستمر إلى الأبد، إذا تم إيقافها أو تغريمها أو إجبارها على السير في مسارات التفافية طويلة"، تقول فيرونيكا ألفونسي، رئيسة الفرع الإيطالي للمنظمة الإسبانية "Proactiva Open Arms".

وتضيف في تصريح لـDW: "ومع ذلك كافحنا، على مدار السنوات السبع الماضية، ضد قوانين غير دستورية وضد التقاعس الأوروبي. فغدونا بذلك أكثر قدرة على المقاومة. سنبقى في البحر".

حاليا توقفت سفينة "جيو بارنتس"، التابعة لمنظمة أطباء بلا حدود، حيث تم الأسبوع الماضي احتجاز السفينة في صقلية لمدة 20 يوما، لأن الحكومة اتهمت طاقمها بانتهاك اللوائح الجديدة. وقد تفرض عليها غرامة تصل إلى عشرة آلاف يورو.

رسو سفينة أوسيان فايكينيغ أخيرا في فرنسا

ومن حين لآخر ترسل منظمات جديدة سفن إنقاذ باتجاه البحر. وتتواجد حاليا سفن كبيرة تابعة لمنظمات مثل Mission Lifeline وOpen Arms وResqShip وSea-Eye وSea-Watch. وتنشط السفن التابعة لها في عمليات إنقاذ في البحر الأبيض المتوسط. وإلى جانب سفن الإنقاذ الكبيرة وعددها ستة، هناك عدة قوارب أصغر، وطائرتان من تابعتان لمنظمة Sea-Watch تقومان بالاستطلاع الجوي.

 

هل كان من الممكن منع المأساة الأخيرة؟

تؤكد فيرونيكا ألفونسي من منظمة Open Arms أن  غرق السفينة يوم الأحد قبالة كالابريا "لم يكن حادثا مأساويا فحسب، بل نتيجة لقرارات سياسية دقيقة" . وتدعو إلى التحقيق في عمل خفر السواحل، الذين تم إخطارهم بوجود القارب من جانب وكالة حماية الحدود التابعة للاتحاد الأوروبي "فرونتكس".

وتضيف أنه "انطلقت دوريتان في زورقين للبحث عن القارب، لكنهما عادا بعد ذلك بسبب سوء الأحوال الجوية. يجب التحقيق في ذلك. لا يمكنك أن تترك القارب تحت رحمة الأمواج، مهما كانت الظروف".

انطلق القارب الذي حمل المهاجرين من سواحل ولاية ازمير التركية. والسلطات لم تتكيف بعد بشكل جيد مع هذا المسار الجديد، كما تقول ألفونسي لـDW: "المئات، معظمهم من الأفغان والإيرانيين، جربوا هذا الطريق لأنهم يعتقدون أنه أكثر أمانا، وهذا بالطبع غير صحيح. منطقة كالابريا لاحظت هذه الظاهرة مؤخرا. السلطات كانت تراقب وتحاول المساعدة، لكنها ليست مجهزة للقيام بذلك. لا توجد مهمة إنقاذ حكومية منظمة هناك، وأيضا لا توجد في وسط البحر الأبيض المتوسط ​​".

والآن تقيّم منظمتها الموقف، لتقرر ما إذا كنت ستنشط في عمليات إنقاذ على المسار الجديد.

دافيد إيهل/ف.ي