1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

مصر: التحرش الجنسي داخل العائلة .. وظلم ذوي القربى!

٢ نوفمبر ٢٠١٧

لم يعد الشارع المكان الوحيد الذي تخافه المصريات في ظل انتشار التحرش. لكن حتى المنزل لم يعد هو الآخر مكانًا آمنًا لبعضهن، في ظل تعرضهن للتحرش حتى أضحت حياتهن أقرب للجحيم. DWعربية تحاول اقتحام هذا الملف الشائك.

https://p.dw.com/p/2mVAh
Ägypten Frauen und Männer in einer Straße in Kairo
لم يعد الشارع فقط المكان الذي تتعرض فيه الفتيات المصريات للتحرشصورة من: DW/R. Mokbel

سماء محمود (اسم مستعار) فتاة تبلغ من العمر 23 عاماً، وهي ضحية لوالدها الذي قام بالاعتداء عليها جنسيًا عدة مرات. والد سماء كان يتغيب عنهم لأعوام وكانت تراه من حين لآخر. عندما نضجت سماء والتحقت بالجامعة، قرر والدها العيش معها. بداية الجحيم بالنسبة لهذه الشابة بدأ وهي فتاة، عندما قام والدها بلمس جسدها وتقبيلها وتحسُّس صدرها، وهو ما تكرر عدة مرات. ورغم أنها فهمت أن ما يقوم به والدها أمر غير طبيعي، إلا أنها كانت تخشاه.

وتقول سماء لـDW عربية: "أتعرض لعنف جسدي من والدي منذ الصغر، كما أنه كان يهددني بعدم دفع رسوم جامعتي الخاصة". لجأت سماء إلى والدتها التي لم تصدقها. حول ذلك تقول: "لم تكن (والدتي) تريد استيعاب حجم هذه المصيبة". باتت سماء مضطرة أن ترتدي كامل ملابسها طوال تواجد والدها بالمنزل خوفاً من نظراته المريبة ولمساته التي ترعب جسدها الهزيل.

زنا المحارم - ملف أسود مسكوت عنه

كانت سماء تنتظر لحظة تخرجها من الجامعة لتستقل مادياً وتهرب من منزلها ونظرات والدها ولمساته. لكن عندما حان الوقت، حصلت المواجهة مع والدها، والتي أعلنت الحرب عليه، حسب قولها. واجهت سماء والدها بداية بحقيقته أمام والدتها ووصفته بالمتحرش وقامت بضربه، خاصة عندما قام بالاعتداء عليها عدة مرات.

Ägypten Plakat in der Kairo Universität
رغم المبادرات المتعددة والقوانين الصارمة لمعاقبة التحرش، إلا أن الظاهرة لم تشهد تراجعاً ملحوظاًصورة من: DW/R. Mokbel

وفي أبريل/ نيسان الماضي، قررت سماء تقديم بلاغ في إحدى أقسام الشرطة واتهامه بالتحرش والاعتداء عليها جنسياً. ومن حسن حظها تجاوب ضباط الشرطة معها، ولكن لسوء حظها لم تتخذ الشرطة أي إجراء ضد والدها. لذلك بات ملاذها الأخير هو العلاج النفسي في إحدى مراكز التأهيل النفسي. ومع ذلك، تقول سماء: " العلاج ضعيف، فما زلت أعاني من الاكتئاب الحاد وفقدان الثقة في نفسي ومن هم حولي".

الهروب من المواجهة

يعد التحرش من قبل الدائرة الضيقة للعائلة من أخطر أنواع التحرش الجنسي، والذي يتضمن زنا المحارم، نتيجة للتأثيرات النفسية السلبية التي تقع على الضحايا، والتي تحتاج سنوات عدة للعلاج منها، لاسيما عندما يكون الجاني هو أقرب الناس إليهن والذي يفترض به حمايتهن من التحرش.

رغم شجاعة سماء، إلا أن هذه الحالة تبقى نادرة بين الفتيات اللواتي تعرضن لمواقف مماثلة دون امتلاك الجرأة على فضح أقاربهن. (ل.م)، 21 عاماً، تحدثت لـDW عربية عن قيام عمها بالتحرش بها أكثر من مرة، ولكنها آثرت الصمت خوفاً عليه، قائلة: "إنه يعاني من مرض القلب وأخشى على صحته". لكنها سلكت طريقاً آخر وهو عدم الحديث معه ومع عائلة والدها. ورغم أن هذا القرار منحها بعض الراحة النفسية، إلا أن ذلك لم يشفع لها في معاناتها من الآثار المترتبة على تحرش عمها بها، خاصة عدم الثقة بالرجال في محيطها.

سارة عامر (اسم مستعار) تحدثت أيضاً عن تجربتها التي وصفتها بـ"المؤلمة"، بعد أن تحرش بها ابن خالتها منذ أن كانت في العاشرة من عمرها وحتى بلغت الثامنة عشر وكان يكبرها بعشرة أعوام، وفضلت الصمت لسنوات لأنه كان يهدّدها. عندما نضجت سارة وشعرت أنها تستطيع مواجهته قررت أن تقول الحقيقة، وهو قرار ندمت عليه لاحقاً، حسب ما قالت لـDW عربية: "لم يصدقني أحد وتم عزلي نهائياً عن العائلة ووصفوني بأنني شيطانة". ورغم أنها وقعت في حب شخص بعد هذه التجربة وأسرّت له بتجربتها، إلا أنه قام باستغلالها جنسياً وحاول التعدي عليها. وتابعت: "أشعر بأنني المذنبة في المجتمع، ولن أخوض تجارب عاطفية جديدة. كما أنني كرهت الزواج".

غياب الملاذ الآمن

هناك صعوبة بالغة في مواجهة التحرش من العائلات، لاسيما في ظل غياب ملاذ آمنة للضحايا وعدم توفير حماية كافية من الدولة والمجتمع المدني. وفي هذا الإطار، يقول المحامي مايكل رؤوف، وهو أيضاً متطوع في مركز "نديم" لتأهيل ضحايا العنف، لـDW: "هناك دار ضيافة تابعة للدولة للحالات التي تتعرض لعنف جنسي، ولكنها غير آمنة لحالات التحرش من قبل العائلات". ويفسر رؤوف ذلك بالقول: "العاملون في دار الضيافة يقوموا تطوعاً بالإصلاح بين الضحية وعائلتها نظراً لوجود بيانات الضحية الشخصية معهم".

وعن دور المجتمع المدني، يقول المحامي المصري: "لا يمكن للمجتمع المدني توفير ملاذ آمن لهذا النوع من الحالات نظراً لرفض الدولة منح المجتمع المدني صلاحية إقامة دور للضيافة، وفي ظل التضييق على المجتمع المدني". واعتبر أن من الصعب تحديد مدى انتشار هذه الظاهرة بالأرقام في مصر، خاصة وأن أغلبية الضحايا لا يفصحن عما حصل لهن، بالإضافة إلى صعوبة إثبات الجريمة. ورغم تغليظ القانون لعقوبة التحرش من قبل الأهالي وهتك الأعراض والاغتصاب، لكن مايكل رؤوف رأى أن المشكلة في مصر ليست مشكلة قوانين بقدر ما هي مرتبطة بتفعيل القوانين وتطبيقها على أرض الواقع.

Rechtsanwalt Michael Raouf
مايكل رؤوف، المحامي والناشط في مركز "نديم" لتأهيل ضحايا العنفصورة من: DW/R. Mokbel

تأثيرات نفسية ممتدة

ويرى الدكتور أحمد البحيري، استشاري الطب النفسي، في حوار مع DW عربية، أن التحرش الجنسي داخل العائلات من بين الظواهر السلبية التي تؤثر نفسياً بشكل كبير على الضحايا من الفتيات. ويفسر البحيري أسباب حدوث هذه الظاهرة بأن ذلك ناتج عن "ضعف التربية وانتشار الخيال الجنسي وثقافة قبول المجتمع لتوجيه اللوم للإناث، واستخفاف الجاني بالقانون وضعف وضع الأم في الأسرة، خاصة تلك التي يحصل فيها زنا المحارم".

واعتبر استشاري الطب النفسي أن هذا السلوك من الأهالي تعبير عن العدوانية والسيطرة داخل هذه الأسر، وهي أسر تعد في أغلبها مفككة العلاقات، وقد تدلل على تعرض الجاني لنفس الفعل في طفولته ورغبته في تكراره مع أولاده. وعن التأثيرات النفسية على الضحايا، يضيف البحيري: "الشعور بالخجل والاكتئاب وعدم الثقة بالنفس والآخرين والإحباط والخوف من التهديد المصاحب لفقدان السمعة أو تهديد جسدي من المعتدي". وأوضح: "اضطراب كرب ما بعد الصدمة الذي تصاحبه مشاعر الخوف من تكرار ما حدث ويجنبها أي تعامل مع الجنس الآخر".

وعن طرق مواجهة هذه الظاهرة، يشير الدكتور أحمد البحيري إلى أهمية العلاج النفسي المكثًف والمساندة الاجتماعية من قبل الأسرة وتعليم الأسرة، وشدًد على أن يكون التركيز في العلاج النفسي على الشعور بالأمان وإعادة تأهيل الشخصية وعلاج الاكتئاب وتبلد المشاعر والقلق.

ريهام مقبل - القاهرة

تخطي إلى الجزء التالي اكتشاف المزيد

اكتشاف المزيد