1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

هل امتلاك ألمانيا للقبة الحديدية الإسرائيلية سيردع روسيا؟

٣١ مارس ٢٠٢٢

ترغب ألمانيا في شراء نظام دفاعي صاروخي قوي لردع روسيا. وفي ظل هذه المساعي، يرى مراقبون أنها قد تشتري منظومة "السهم 3" أو "القبة الحديدية" من إسرائيل. فيما يقول آخرون إن المنظومات الدفاعية لن تردع أي هجوم روسي.

https://p.dw.com/p/49Fl2
القبة الحديدية تصطاد الصواريخ التي أطلقت من غزة
تناقش الحكومة الألمانية إمكانية الحصول على نظام القبة الحديدية الإسرائيلية التي أثبتت فعاليتها في صد صواريخ حماسصورة من: Amir Cohen/REUTERS

خلال التصعيد الأخير بين حماس وإسرائيل صدت إسرائيل بشكل ناجح آلاف الصواريخ التي أطلقتها حماس، ما أدى إلى تسليط الضوء على منظومات الدفاع الصاروخية التي تمتلكها إسرائيل.

ومع استهداف روسيا لأوكرانيا بالصواريخ، تفكر ألمانيا في إمكانية شراء منظومة صواريخ دفاعيةمماثلة، وفقا لما نشرته صحيفة "بيلد" الألمانية الأحد الماضي.

ومن جانبه، أكد المستشار أولاف شولتس صحة ما ذهبت إليه صحيفة "بيلد" إذ قال في مقابلة مع القناة الألمانية الأولى (ARD)  "بالتأكيد هذا من الأشياء التي نتشاور بشأنها لأسباب وجيهة". وأشار شولتس في تعليله لهذه الخطوة إلى روسيا: "يجب علينا جميعاً أن نستعد لحقيقة وجود جار لدينا مستعد لاستخدام العنف لتحقيق مصالحه، ومن ثم فإن علينا أن نعمل بقوة بحيث لا يحدث ذلك". في حين التزمت الحكومة الألمانية الصمت الشديد إذ اكتفت بالقول إن امتلاك منظومة دفاعية صاروخية كان محور مناقشات أولية بشأن ما سيتم شراؤه بعد تخصيص مبلغ مئة مليار يورو إضافية لصندوق خاص بالدفاع، وهو الزيادة في الإنفاق العسكري التي أعلن عنها شولتس نهاية فبراير / شباط الماضي في أعقاب الغزو الروسي لأوكرانيا.

وفي ظل ذلك، يتوقع أن يحصل مسؤولو الدفاع في ألمانيا على إيجاز من نظرائهم الإسرائيليين حولخيارات إسرائيل بشأن منظومات الدفاع الصاروخية.

وقد حظيت مثل هذه الأنباء على دعم كبير من أطياف حزبية عديدة في ألمانيا. إذ قال فريدريش ميرتس، رئيس حزب الاتحاد المسيحي الديمقراطي المعارض، للصحافيين يوم الاثنين (28 مارس/ آذار) "يعد هذا ردا استراتيجيا جديرا بالملاحظة على تهديد مصدره روسيا تجاه بلادنا."

ورغم عدم احتمال وقوع هجوم روسي مباشر ضد ألمانيا أو دول حلف الناتو، إلا أن مسؤولين في وزارة الدفاع يرون حتمية تعزيز قدرات وتسليح الجيش الألماني كإجراء رادع ضد أي عدوان روسي وإشارة دعم للدول الأوروبية المتاخمة لروسيا التي يساورها الكثير من القلق عقب الغزو الروسي لأوكرانيا.

مسائيةDW : ألمانيا تسعى لتحديث جيشها وتتوعد روسيا

و قالت ماري أغنيس شتراك-تسيمرمان، رئيسة لجنة الدفاع في البرلمان الألماني (بوندستاغ): إن امتلاك منظومة دفاعية صاروخية إلى جانب الإعلان الألماني السابق عن شراء طائرات أمريكية من طراز إف- 35، يدخل في نطاق الردع الموثوق به. وأضافت بأنه "أصبح من الجيد الدخول في نقاش مفتوح حول هذا الأمر، لكن الأفضل هو سرعة التنفيذ". ويقول الخبراء إن عملية إصلاح الجيش الألماني قد تستغرق سنوات.

"المقاس الواحد لا يناسب الجميع"

ويكتنف قضية نوع منظومة الدفاع الصاروخية التي ترغب في امتلاكها ألمانيا الكثير من الغموض، ما فتح الباب أمام تكهنات. إذ عمدت وسائل إعلام وشخصيات سياسية إلى الترويج للقبة الحديدية الإسرائيلية باعتبارها منظومة الدفاع الصاروخي الذي ربما تكون الأنسب.

ورغم ذلك، فإن القبة الحديدية تعد منظومة تم تصميمها لهدف واحد يتمثل في اعتراض الصواريخ البدائية وقصيرة المدى التي تطلقها حماس أو الجماعات الأخرى على إسرائيل.

وفي بيان إلى  DW، قالت شتيفي كريست، المتحدثة باسم النائب في البرلمان الألماني عن الاتحاد الديمقراطي المسيحي رودريتش كيزيفتر ، إن القبة الحديدية "توفر - كما هو الحال في إسرائيل – حماية من الصواريخ قصيرة المدى في نطاق محدود، لذا فهي لا معنى لها على الإطلاق بالنسبة لألمانيا". وجاء بيان كريست كتوضيح لتصريحات سابقة صدرت عن كيزيفتر، الضابط السابق في الجيش الألماني، انتقد فيها شراء أنظمة دفاع صاروخية.

يشار إلى أن ألمانيا تمتلك نظام باتريوت الأمريكي الصنع، وهو منظومة قديمة أثبتت فعاليتها في صد الصواريخ قصيرة المدى التي تبقى داخل الغلاف الجوي للأرض والتي استخدمتها إسرائيل قبل تصنيع القبة الحديدية في صد هجمات صواريخ سكود العراقية  خلال حرب الخليج الثانية عام 1991. كما يمكن لمنظومة باتريوت اعتراض الطائرات أيضا.

لإطلاق صاروخ أرو3 الإسرائيلي
تدرس ألمانيا امتلاك الجيل الثالث من منظومة "أرو 3" الإسرائيلية والقادرة على صد الهجمات الصاروخية متوسطة المدى صورة من: Israeli Defence Ministry/AFP

لكن اللافت أن تركيز ألمانيا ينصب في الوقت الحالي على منظومة دفاع صاروخية أخرى تسمى "حيتس" وتعني بالعربية "السهم" حيث عملت إسرائيل على تطوير الجيلين الأول والثاني والثالث من هذه المنظومة وتعمل حاليا على تطوير الجيل الرابع.

وتم تصميم هذه المنظومة لصد واعتراض الأسلحة الجوية الأكثر تقدما والتي تطير على ارتفاعات أعلى ولمسافات أكبر وقد تحمل رؤوسا حربية تقليدية ونووية فيما تم تطوير منظومة "السهم" مع وضع أي تهديد إيراني في عين الاعتبار.

وفي تعليقه على هذه المنظومة الإسرائيلية، قال المحلل الأمني أندرياس فلوكن، لمحطة "NDR" الألمانية، إن نظام السهم مصمم لصد الصواريخ المتوسطة المدى التي يصل مداها إلى 1500 كيلومتر، لذا فإنن مداها غير كاف لاعتراض الصواريخ الباليستية العابرة للقارات. وأضاف أن روسيا تمتلك صواريخ في منطقة كالينينغراد الروسية تقع بين بولندا وليتوانيا وعلى بعد أقل من 700 كيلومتر من برلين.

"لا تنسوا حلفاءنا"

وفي الوقت الذي أعرب فيه المشرعون الألمان عن دعمهم للجيل الثالث من منظومة "السهم" الإسرائيلية، خرجت تحذيرات من أن أي تعزيز لقدرات الدفاع الجوي للجيش الألماني يتعين أن يشمل جيران ألمانيا الأوروبيين.

وفي ذلك، انضم المستشار شولتس إلى قادة حلف الناتو الذين شددوا على قضية الدفاع المشترك المنصوص عليها في ميثاق الحلف.

وفي هذا السياق، قد تتمكن الرادارات الألمانية من رصد إطلاق الصواريخ التي تستهدف الدول الحليفة، بيد أن خبراء عسكريين يؤكدون أن هذه الدول ستكون في حاجة إلى امتلاك بطارياتها المضادة للصواريخ لإسقاط الصواريخ التي قد تستهدفها.

وأشار الخبراء إلى عدم وجود منظومة دفاعية موثوق بها لصد الأسلحة التي تفوق سرعتها سرعة الصوت، وذلك بسبب سرعتها وقدرتها على المناورة. فيما تحظى مثل هذه الأسلحة بإعجاب الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الذي يتباهى بالحديث عن قدرات بلاده في امتلاك صواريخ تفوق سرعتها سرعة الصوت وسط تأكيدات أمريكية باستخدامها في القتال الدائر في أوكرانيا. ورغم ذلك، هناك اختلاف في الآراء حيال مدى قوة برنامج روسيا من الأسلحة التي تفوق سرعتها سرعة الصوت.

نقل صواريخ باتريوت من المانيا الى بولندا
تمتلك ألمانيا 12 نظاما من صواريخ باتريوت، لكنها نقلت بعضها إلى بولندا عقب اندلاع الأزمة الحالية في أوكرانياصورة من: Stringer/YONHAP NEWS/dpa/picture alliance

زيادة الإنفاق العسكري مع تجنب سباق التسلح!

ويُنظر إلى منظومات الدفاع الصاروخي باعتبارها أيقونة صد الهجمات الصاروخية، وذلك بالنظر إلى مدى صعوبة اكتشاف واعتراض تهديدات المقذوفات والصواريخ بشكل ناجع، خاصة إذا تضمن الهجوم وابلا من الهجمات القادرة على التغلب على أي أنظمة دفاعية. إذ يمكن أن تصل الخسائر البشرية لمثل هذه الهجمات إلى أرقام كبيرة وتؤدي إلى عواقب وخيمة ،لاسيما مع احتمال وجود أسلحة نووية.

يشار إلى أن مبادرة الدفاع الاستراتيجي التي أنشأها الرئيس الأمريكي الأسبق رونالد ريغان في ثمانينات القرن الماضي وأنفق مليارات الدولارات على هذا البرنامج الفاشل لتطوير نظم فضائية لحماية أمريكا من أي صواريخ باليستية نووية.

وقد كانت هذه المبادرة حجة لصانعي السياسات الأمنية لصالح معاهدات الحد من التسلح وليس أنظمة التسليح باعتبارها أفضل دفاع ضد مثل هذه الهجمات.

وقد انتهت منذ الحرب الباردة صلاحية مثل هذه المعاهدات أو انهارت، مما ترك الباب مفتوحا أمام الولايات المتحدة وروسيا لتطوير ونشر الأسلحة التقليدية وغير التقليدية، فيما لم تشمل هذه المعاهدات انضمام الدول ذات القدرات التسليحية المماثلة. وقد تزامن هذا مع تأكيد روسيا على أن نظام الدفاع الصاروخي يقوض توازن القوى ويخاطر باندلاع سباق تسلح.

وفي ذلك، قال المتحدث باسم الحكومة الألمانية شتيفن هيبيشترايت "يمكن النظر إلى نظام دفاعي بعينه مثل نظام الدفاع الصاروخي باتريوت الذي لدينا حتى الآن باعتباره أحد جوانب إعادة التسلح. لكن لا أعتقد أن هذا يعني التسليح القوي بالأسلحة أو حتى يعني ذلك إعادة التسليح بالمعنى الكلاسيكي".

وفقا لصحيفة "بيلد" الألمانية، فإنه يمكن نشر منظومة "السهم 3" أو نظام مماثل بحلول عام 2025 بتكلفة تصل إلى ملياري يورو.

ورغم ذلك، يرى خبراء أن هذه التقديرات ضعيفة إذ يصل سعر البطارية الواحدة من المنظومة إلى قرابة 170 مليون دولار فيما يبلغ ثمن كل صاروخ اعتراض 3 ملايين دولار، وذلك وفقا لتقديرات منظمة "تحالف الدفاع الصاروخي" وهي مجموعة ضغط أمريكية تدعو لتطوير ونشر منظومات دفاع صاروخية في الولايات المتحدة والدول الحليفة لها.

وفي سياق متصل، سوف تكون ألمانيا في حاجة إلى امتلاك شبكة كبيرة من الرادارات والبطاريات أكثر مما بحوزة إسرائيل التي تبلغ مساحتها ثلث مساحة ولاية بافاريا الألمانية.

ويتزامن الحديث عن تعزيز منظومات الدفاع الصاروخية في ألمانيا مع احتدام الجدل والنقاش حول كيفية إنفاق ما خصصته الحكومة من زيادة في الإنفاق العسكري، على نحو حكيم. فيما يرى المسؤولون الألمان أن هناك حزمة كبيرة من الاحتياجات للأغراض العسكرية أو الحماية المدنية بعد سنوات من عدم ضخ استثمارات في هذا المجال.

وليام نوح غلوكروفت / م ع