1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

هل تحل دبلوماسية "المناسبات الاجتماعية" مشاكل العلاقات الجزائرية المغربية؟

٩ يوليو ٢٠١٠

يبدو أن مراسم جنازة شقيق الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة، قد تحولت إلى مناسبة للبحث عن فرص تطبيع العلاقات بين المغرب والجزائر، بعد أن فشلت القنوات الدبلوماسية في تحقيق التقارب في العلاقات التي تشهد جمودا منذ 16 عاما

https://p.dw.com/p/ODuI
علاقات فاترة بين المغرب والجزائر رغم دفء الأجواء بين الملك محمد السادس والرئيس عبد العزيز بوتفليقةصورة من: AP

أوفد العاهل المغربي الملك محمد السادس وفدا رفيع المستوى لتقديم العزاء للرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة في وفاة شقيقه وهو طبيب ولا يتولى أي منصب رسمي. وفي رسالة موجهة للرئيس بوتفليقة دعا الملك محمد السادس الى التقارب مع الجارة الشرقية، وكان العاهل المغربي قد دعا أكثر من مرة الى فتح الحدود بين البلدين، إلا أن الجزائر ردت على هذه الدعوات في وقت سابق بأن مسألة الحدود لا تشكل للجزائر ضرورة ملحة معتبرة ان مشكل الحدود ينبغي أن يجد طريقه للتسوية في إطار صفقة شاملة للملفات الخلافية العالقة بين البلدين.

وقال عمار جفال رئيس قسم الدراسات المغاربية في كلية العلوم السياسية والإعلام بالجزائر في حوار مع دويتشه فيله إن دعوة المغرب لفتح الحدود "لا تحمل معها مشاريع محددة لتطبيع العلاقات " مشيرا على الخصوص الى "اختلافات في المصالح الاقتصادية بين البلدين"، بينما يرى حسان بوقنطار أستاذ العلاقات الدولية بجامعة محمد الخامس في الرباط بأن " العقبة الكؤود "أمام تطبيع علاقات البلدين تكمن في ملف الصحراء الغربية.

اختلاف في الرؤى والمصالح

Sahauri Flüchtlingslager Smara Saharawi refugee camp Smara
نزاع الصحراء الغربية ألقى بظلاله على العلاقات المغربية الجزائرية منذ أكثر من ثلاثة عقودصورة من: Danielle Smith

وفي قراءته لمضمون الرسائل التي يوجهها المغرب بشأن تطبيع العلاقات مع الجزائر قال عمار جفال رئيس قسم الدراسات المغاربية بكلية العلوم السياسية والإعلام في الجزائر إن "المغرب اكتفى بالدعوات ولم يقدم مشاريع لإعادة فتح الحدود". وأضاف جفال أن رؤية المغرب والجزائر مختلفة، ففي حين يلح المغرب على فتح الحدود، تشترط الجزائر عدة أمور ينبغي أخذها بعين الإعتبار، منها مراعاة الاختلاف الكبير في بنيات اقتصاد البلدين، وضبط حركة رؤوس الأموال ومكافحة التهريب، مع ما يتطلبه فتح الحدود من تقارب في الأجور وأسعار المواد.

من جهته يرى حسان بوقنطار أستاذ العلاقات الدولية بجامعة محمد الخامس في الرباط، أن"العقبة الكؤود في طريق حل هذا المشكل هو قضية الصحراء" وأوضح بوقنطار في حوار مع دويتشه فيله بأن "ملف الصحراء يوجد الآن تحت أنظار المبعوث الدولي كريستوفر روس"، وبالتالي "يجب على السلطات الجزائرية، إن كانت هناك مشاكل بينها وبين المغرب أن تطرحها عبر الوسائل الدبلوماسية".

حدود مغلقة واتهامات متبادلة

Abschiebung von Immigranten nach Senegal
على الحدود المغربية الجزائرية المغلقة تنشط عصابات التهريب والهجرية غير القانونيةصورة من: AP

ويتبادل المغرب والجزائر الاتهامات بشأن المسؤولية عن إغلاق حدود البلدين منذ عام 1994، وفيما يرى بوقنطار أن استمرار إغلاق الحدود مرده الى موقف جزائري، يؤكد جفال أن إغلاق الحدود كان مجرد رد فعل جزائري على قرار مغربي.

ويعود إغلاق الحدود الجزئارية المغربية الى صائفة عام 1994، عندما شنّ مسلحون هجوما على أحد فنادق مدينة مراكش، وأسفر الهجوم عن مقتل سياح إسبان وجرح مواطنين مغاربة ، وأكدت السلطات المغربية أن منفذي الهجوم كانوا يتحدّثون لهجة جزائرية، وحمّـلت أجهزة المخابرات الجزائرية مسؤولية الهجوم، واتخذت إجراءات أمنية مشددة طالت الجزائريين بشكل خاص حيث فَـرضت تأشيرة دخول على الرعايا الجزائريين أو مَـن هم من أصل جزائري.

ولم يتأخر الرد الجزائري، فقد رفضت الجزائر الاتهامات المغربية، وردت بإجراءات مماثلة في حق المغاربة، وزادت بإعلان إغلاق الحدود البرية مع المغرب. ولذلك توجد الحدود البرية المغربية في وضع مغلق رسميا من جانب الجزائر بينما يعتبر الجانب المغربي أن الحدود ليست مغلقه، وعمليا لم تفتح الحدود سوى مرتين، كانت الأولى للقافلة الطبية "مريم" التي نظّـمها النائب البريطاني جورج غالاوي سنة 2002 لمساعدة أطفال العراق، والثانية لمرور المساعدات المغربية التي أرسلت للجزائر إبّـان الفيضانات شهدتها البلاد سنة 2003.

المستقبل بين حسابات الربح والخسارة

Erdgasanlage in Algerien
رغم تكامل اقتصاديات المغرب والجزائر فإن المبادلات ضعيفة جداصورة من: AP

وتشير العديد من التقارير الدولية إلى أن مشكلة الحدود بين المغرب والجزائر تكلف خسائر كبيرة للتنمية في البلدين وتشكل عقبة رئيسية في سبيل الاندماج الاقتصادي بين دول المغرب العربي، لاسيما أن المغرب والجزائر يشكلان البلدين الكبيرين في الإتحاد المغاربي الذي يضم ايضا تونس وليبيا وموريتانيا، وتعرض الإتحاد الذي تأسس عام 1989 بدوره للشلل على خلفية أزمة العلاقات بين المغرب والجزائر.

وتحذر تقارير دولية من حدة السباق نحو التسلح بين الجزائر والمغرب، مقابل ضعف التعاون الاقتصادي والتبادل التجاري ، وتقدر خسائر دول المغرب العربي بحوالي 2 في المائة من ناتجها الداخلي الخام، بسبب الخلاف الجزائري المغربي واستمرار إغلاق الحدود.

وحول رأيه في آفاق ومستقبل العلاقات بين البلدين يعتقد بوقنطار أن الأمر يتوقف على تغيير في مواقف الجزائر من الملف المغربي، من جهته يرى جفال أن ملف العلاقات يجب أن يعالج في إطار حل شامل للخلافات القائمة بين البلدين، وليس مسألة حدود فقط، مشيرا بأن المغرب "سوف يكون المستفيد الأكبر في حالة فتح الحدود، والجزائر ليست لها مصلحة في ذلك".

وبرأي جفال فإن "المشكل بين البلدين أعمق من مشكل الحدود والصحراء، بل يعود إلى تركة الاستعمار الفرنسي، وبقايا الحرب الباردة" واعتبر الباحث الجزائري بأن مشاكل علاقات البلدين يصعب إيجاد حلول لها من منظور استراتيجي في ظل غياب الديمقراطية ودون تغيير في النخب وطبيعة الأنظمة السياسية الحاكمة.

الكاتب: يونس آيت ياسين

مراجعة: منصف السليمي