1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

وجهة نظر: الصراع على القدس يكاد يكون عصيّا على الحل

١ يونيو ٢٠٢١

طالما أنه لا يوجد حل لملف القدس، فلا يمكن توقع أي تغيير في الصراع الفلسطيني الإسرائيلي. ونظرا للبعد الديني للقدس والدور الإيراني والتركي فإن هذا الحل صعب المنال وفق تعليق راينر هيرمان بصحيفة فرانكفورتر ألغماينه تسايتونغ.

https://p.dw.com/p/3uFHw
Tempelberg Jerusalem
صورة من: AFP/Getty Images/T. Coex

يندلع العنف بين الفلسطينيين وإسرائيل بشكل منتظم ومتوقع. الحرب الأخيرة دامت اثني عشر يوما، وكانت الرابعة خلال ثلاثة عشر عاما، فالصراع الفلسطيني الإسرائيلي لم يجد طريقه للحل.

صحيح أن اتفاقيات السلام التي وقعت خلال العقود الماضية بين دول عربية وإسرائيل تمكنت من نزع فتيل الصراع العربي الإسرائيلي، وآخر حرب كبيرة تعود إلى نحو نصف قرن، ومنذ ذلك الحين وقعت ست دول عربية اتفاقيات سلام مع إسرائيل، ومن المرجح أن دولا أخرى ستتبعها، لكن ذلك لم ينه الصراع بين الفلسطينيين وإسرائيل. فهذه الاتفاقيات تخدم المصالح الوطنية للدول الموقعة عليها، وهي لا تتطابق مع أمل الفلسطينيين في إقامة دولة خاصة بهم.

وبعد قيام دولة إسرائيل، كان "تحرير" فلسطين وعلى مدى عقود، الموضوع الذي يوحد العرب. التضامن العربي تلاشى وتحول إلى مجرد كلام. بداية أدى ذلك وكراهية إسرائيل إلى حرف الانتباه عن الأوضاع السيئة في الدول العربية، ثم أصبح الصراع الفلسطيني أقل أهمية بالنسبة للحكام العرب.

البداية كانت عام 1978 مع الرئيس المصري الراحل أنور السادات، الذي وقع اتفاقية كامب ديفيد مقابل استعادة شبه جزيرة سيناء. في الخريف الماضي كانت الحسابات التجارية بالنسبة للإمارات والبحرين، والاعتراف بسيادته على الصحراء الغربية بالنسبة للمغرب، الدافع للتطبيع مع إسرائيل. ولم يتضمن أي اتفاق من هذه تعهدات لصالح الفلسطينيين.

البحث عن حل عادل

فقد حكام العالم العربي الاهتمام بالصراع، لأنه قصة فرص ضائعة. سواء في عملية أوسلو في التسعينات أو خطة ولي العهد السعودي آنذاك عبد الله بن عبد العزيز، للسلام عام 2003: كانت فرصة الوصول إلى تفاق في متناول اليد، إلا أنها أهدرت. النتيجة: الحكام الذين عقدوا سلامهم سرا مع دولة إسرائيل، لم يكونوا مستعدين لاستثمار المزيد من رأس المال السياسي في القضية.

في عهد الرئيس ترامب، الذي أراد "حل" الصراع (لمصلحة إسرائيل)

من خلال "صفقة القرن" عاد الصراع ليصبح قضية عربية وإسلامية، لأن الصفقة لم تبدد آمال الفلسطينيين في إقامة دولة خاصة بهم فحسب، وإنما أكثر من ذلك اعترفت بسيادة إسرائيل وحدها على القدس. 

Kommentarbild PROVISORISCH | Rainer Hermann, FAZ & Klett-Cotta
راينر هيرمان محرر في صحيفة فرانكفورتر ألغماينه تسايتونغصورة من: Helmut Fricke

الحل العادل يجب أن يبدأ على كلا المستويين للصراع: الصراع على الأرض يمكن حله بشكل براغماتي من خلال المفاوضات مع وجود الإرادة السياسية المناسبة. لكن هذا ليس سهلا، فالهويتان المتصارعتان، الفلسطينية واليهودية، مرتبطتان بالأرض. الصراع الآخر، المتعلق بالأماكن المقدسة في القدس، يمكن حله فقط حين توافق السلطات الدينية للمسلمين وتعترف أخيرا بحق إسرائيل في الوجود. وما دامت هذه ترفض سلطة غير المسلمين على الأماكن المقدسة، فإن أي حل للصراع لن يدوم على الأرض.

الجولة الأخيرة من العنف بدأت من القدس في الحرم القدسي، المكان المقدس لدى اليهود كما لدى المسلمين. وبالنسبة للمسلمين تم التعبير عن أهمية المدينة من خلال اسمها القدس "المقدسة"، ومكة تحمل لقب "المكرمة" فقط. حيث يعتقد المسلمون أن النبي محمد بدأ رحلة الإسراء والمعراج من هضبة جبل الهيكل (هضبة الحرم القدسي)، التي قد تكون بالنسبة لغير المسلمين أسطورة. في حين أنها بالنسبة للمسلمين تربط بين مكة والقدس اللتين تعتبران أهم مكانين في الإسلام.

غياب الإرادة السياسية

القدس تحشد المسلمين عاطفيا أكثر من بناء المستوطنات الإسرائيلية. وحين أصبح الحكام العرب غير مبالين بالنزاع، رأت الجمهورية الإسلامية الإيرانية فرصتها في ذلك ورفعت شعار "تحرير" القدس عاليا. إيران الفارسية الشيعية تصب الزيت على النار، لكنها تقابل بالتشكيك لدى كثير من المسلمين السنة، فحتى في غزة، حيث تصنع حماس الصواريخ وفق مخططات إيرانية، تحاول الخروج من أحضان طهران.

وهذا ما يفسح مجالا لتركيا، التي تريد أن تكون القوة الحامية للمسلمين السنة، وتعلن أن الديانات التوحيدية الثلاث في الإمبراطورية العثمانية كانت تصل إلى أماكنها المقدسة في القدس دون أي عائق. فالبعد الديني للصراع الفلسطيني يمنح الفرصة لإيران وتركيا للعب دور في العالم العربي كلاعبين خارجيين.

الجولة الأخيرة من العنف توضح أمرين: النزاع وبسبب بعده الديني، يتجاوز فلسطين بعيدا. وما لم يوجد حل للقدس سيستمر النزاع، حتى لو وقعت كل الدول العربية اتفاقيات سلام مع إسرائيل. حتى الآن ليست هناك إرادة سياسية من أجل حل عادل للنزاع "الأبسط" حول الأرض. وفي الصراع على القدس حظوظ العرب سيئة والظروف المعيشية في غزة كارثية. إنها مجرد مسألة وقت حتى تندلع جولة العنف التالية.

راينر هيرمان