1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

وجهة نظر: مهمة ألمانيا في أفغانستان غيرت من ألمانيا أيضا

فلوريان فايغاند٢٩ ديسمبر ٢٠١٤

مهمة قوات الجيش الألماني بأفغانستان أثرت على ألمانيا بنفس التأثير الذي شهدته أفغانستان عبر تاريخها الطويل والذي اتسم بالحروب والغزوات الأجنبية فيها، كما يرى الصحفي بـ DW فلوريان فايغاند في التعليق التالي.

https://p.dw.com/p/1EC0D
Letzte deutsche Soldaten aus Kundus abgezogen
صورة من: picture-alliance/dpa/Bundeswehr

هل تم حقا "إنجاز المهمة؟" زراعة الأفيون بلغت مستويات قياسية، شأنها في ذلك شأن الهجمات التي تنفذها حركة طالبان. وفي الصيف الماضي دخل مسلحون المناطق المحيطة بإقليم قندوز، حيث كان الجيش الألماني متمركزا، ورفعوا أعلامهم هناك لفترة قصيرة، وهو حدث لم يخل من الرمزية. والآن، هناك ما يدعو إلى الخشية، بعد الإعلان عن عقد لقاءات أولية بين تنظيم "الدولة الإسلامية" وحركة طالبان. كما باتت مناطق واسعة من البلاد خارجة عن سيطرة الدولة الفاسدة أصلا، والتي هي تحت قبضة أمراء الحرب، حيث لم تعد حتى العاصمة - بمركزها المحروس بشكل قوي - آمنة فأصبح مسرحا لهجمات متتالية. والخلاصة: ليست هذه هي صورة النصر.

وفي الوقت ذاته، من الخطأ الحديث عن هزيمة كاملة. ففي ظل مهمة قوات إيساف، تم بناء مستشفيات ومدارس. واليوم ازداد عدد الفتيات اللواتي يذهبن إلى المدرسة بشكل غير مسبوق. الفضل في ذلك يعود بالأساس إلى التنمية المدنية. فمن دون وجود القوات الأجنبية ومن بينها الجيش الألماني، ودون الميزانيات الهائلة المخصصة لدعم مشاريع تنموية ما كان ليتحقق كل ذلك. لقد تغيرت أفغانستان.

Deutsche Welle REGIONEN Asien Paschtu Dari Florian Weigand
فلوريان فايغاند مديرالقسم الأفغاني بمؤسسة DW الإعلامية.صورة من: DW/P. Henriksen

الشكولاته ومسودة إعادة الإعمار

حدث تغير في ألمانيا أيضا: كان الجيش الألماني ساذجا عندما وصل قبل 13 عاما لجبال الهندكوش، حيث اعتقد أن مهمته بأفغانستان لا تختلف عن سابقتها في البلقان. وساد الاعتقاد بأن الغارات الجوية بعد هجمات 11 من سبتمبر/أيلول 2011، قضت على طالبان بالكامل، وأن السلام سيحل قريبا على أفغانستان كما حدث في البوسنة وكوسفو، وأنه بالشوكولاته وبقائمة مسودة مشاريع إعادة الاعمار، سنجوب الشوارع وسنكسب قلوب الأفغان.

شيء لا يصدق: عند بداية المهمة كان الجنود يطوفون شوارع وأسواق قندوز على متن سياراتهم اليابانية ويشترون أغراضهم من السوق المحلية دون حراسة. وبدأت المقاومة تنمو بعيدا عن مواقع الجنود بشكل واضح. وفجأة وجد الجنود الألمان أنفسهم متورطين في حرب برية ضد عصابات محلية. فسقط قتلى وجرحى. ثم إن الجنود الذين واجهوا صدمات نفسية قوية بسبب أحداث رهيبة حملوا تفاصيل ذلك إلى قلب المنازل الألمانية، في حين بكت عائلات ألمانية أبناءها الذين لقوا مصرعهم هناك.

Deutsche Soldaten in Afghanistan
قوات الجيش الألماني في قندوزصورة من: picture-alliance/AP/Anja Niedringhaus

كانت المهمة عبارة عن حرب. بداية لم يجرأ الساسة الألمان على تلفظ كلمة "الحرب"، فيما كانت نعوش الجنود تصل إلى أرض الوطن. بعدها أعطى أحد الضباط الأمر بقصف ناقلة وقود بالقرب من قندوز مما تسبب في وفاة مدنيين أبرياء. وعندها تحول الجيش الألماني إلى عنصر فاعل ، فتراجع دعم الرأي العام لمهمة الجيش بأفغانستان، وبات الساسة مجبرين على تقديم تفسيرات.

ذهبوا جميعهم وبقيت أفغانستان

واعتمادا على هذه التجربة، تمت صياغة توجهات السياسية الخارجية كما هي في شكلها الحالي. وهذا ما يشرح تردد ألمانيا في المشاركة في الغارات الجوية في ليبيا أو ضد مواقع "الدولة الإسلامية" في العراق وسوريا. فألمانيا بلد مسالم، ليس بسبب الذكريات المرتبطة بالحرب العالمية الثانية وصورتها المتلاشية، ولكن بسبب مهمة إيساف. في صفوف الجيش الألماني عايش جيل كامل من الضباط تجربة حرب حقيقية، سيحملونها معهم إلى داخل وزارة الدفاع، وبالتالي سيكون لهم تأثير قوي على سياسية البلاد.

Zum Thema Afghanistan - Die deutschen Entwicklungshelfer bleiben
رغم انتهاء مهمة إيساف إلا أن العاملين الألمان في مجال التنمية سيبقون في أفغانستان.صورة من: picture-alliance/dpa

في الوقت ذاته وعبر مشاركتها دخلت ألمانيا في ديناميكية جديدة من الصعب إيقافها، إذ تنتظر الأسرة الدولية مشاركة ألمانية في المستقبل، بما في ذلك مواصلة المهام في أفغانستان وفي المناطق الكردية أيضا. ومن أجل ذلك تمّ توسيع مفاهيم الدستور الألماني بشكل غير مسبوق. وأصبحت مهمة ألمانيا تكمن فقط في تدريب قوات البيشمركة الكردية. وتبقى أفغانستان مثالا واضح عن احتمالية انزلاق الجيش الألماني في مهام قتالية بشكل سريع. وما سيبقى موضع ترقب، هو الكيفية التي ستتعامل بها ألمانيا مستبقلا في الجمع بين رغبتها في نهج توجهات سلمية وبين مسؤولياتها الدولية.

أما بالنسبة لأفغانستان فقد دخلها الكثير من الأجانب: الفرس، الإغريق، والمغول، والعرب والانكليز، إضافة إلى السوفيات وقوات الإيساف. جميعهم تركوا بصماتهم الواضحة، وفي نهاية المطاف انطوى الدهر عليهم جميعا، وبقيت أفغانستان.

تخطي إلى الجزء التالي اكتشاف المزيد

اكتشاف المزيد