1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

خبراء: احتجاجات درنة تنذر بحملة قمع وليس بتغيير سياسي

٢٠ سبتمبر ٢٠٢٣

رغم حالة الغضب ضد السلطات الليبية بعد مقتل الآلاف بعد إعصار دانيال، يقلل خبراء ومتخصصون في الشأن الليبي من احتمال أن تسفر الاحتجاجات في درنة عن تغيير سياسي حقيقي أو تنهي التناحر والفرقة السياسية في البلاد. لماذا؟

https://p.dw.com/p/4WYwn
شهدت درنة احتجاجات للمطالبة بمحاسبة المسؤولين بعد الفيضانات المدمرة.
شهدت درنة احتجاجات للمطالبة بمحاسبة المسؤولين بعد الفيضانات المدمرة.صورة من: Zohra Bensemra/REUTERS

في خطوة نادرة في ليبيا، نظم سكان درنة مظاهرات مطالبين بمحاسبة السلطات بعد فيضانات مدمرة أوقعت آلاف القتلى في المدينة الواقعة في شرق البلاد، مع ترديد شعارات مناهضة لسلطات الشرق الليبي التي يجسدها البرلمان ورئيسه عقيلة صالح.

وطالب المحتجون بحصولهم على تعويضات  جراء الخسائر المادية الكبيرة التي لحقت بهم عقب إعصار دانيال فضلا عن دعوتهم إلى إشراف دولي على عمليات إعادة الإعمار.

وفي مقابلة مع DW، يقول طارق المجريسي، الباحث السياسي  بالمجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية، "هناك بالتأكيد حالة غضب ضد برلمان شرق ليبيا لأنه لم ينعقد إلا بعد أربعة أيام من وقوع الكارثة فيما هاجم رئيسه عقيلة صالح الليبيين لجرأتهم على إلقاء اللوم على السياسيين وتجرؤهم على التساؤل عن سبب حدوث ذلك".

وكان عقيلة صالح قد طالب الليبيين الأسبوع الماضي بالتحلي بالصبر في مواجهة الكارثة الطبيعية، قائلا "لا تحزنوا .. القضاء مفروغ منه، الحزن لا يرد قدرًا".

بيد أنه في المقابل، ذكرت تقارير موثوق بها أنه لم يتم صيانة السدود في مدينة درنة منذ سنوات فيما حذر أكاديميون وباحثون ليبيون من خطورة الأمر.

وفي هذا الصدد، كتب عبد الونيس عاشور، أستاذ الهندسة المدنية، في دراسة نشرت في نوفمبر/ تشرين الثاني العام الماضي في مجلة جامعة سبها للعلوم البحتة والتطبيقية، أنه "في حال حدث فيضان كبير ستكون العواقب وخيمة على سكان الوادي والمدينة".

ويبدو أن ما حذر منه الباحث تحقق على  أرض الواقع  إذ في الحادي عشر من سبتمبر/أيلول تسببت الفيضانات في انهيار سدين في درنة مما أسفر عن مقتل أكثر من 11 ألف شخص وجُرف ربع مساحة المدينة الساحلية.

وبينما تواصل فرق الإنقاذ الدولية البحث عن الجثث، دقت منظمات صحية ناقوس الخطر إزاء الخطر الذي  تشكله الألغام الأرضية وسط مخاوف من احتمال انتشار أوبئة مثل الكوليرا.

كبش فداء سياسي

في غضون ذلك، قرر  النائب العام في شرق ليبيا، الصديق الصور، وقف رئيس بلدية درنة، عبد المنعم الغيثي، عن العمل على ذمة التحقيق في انهيار السدين "اللذين بنيا في السبعينيات بالإضافة إلى تخصيص أموال الصيانة". حسبما جاء في بيان صدر عن المسؤول الليبي.

بيد أن مراقبين يقللون من احتمالية أن تسفر هذه الخطوة عن نتائج ملموس في ضوء ما عُرف عن تفشي المحسوبية والمحاباة في أركان الدولة الليبية حيث أشار المجريسي إلى أن الغيثي "يعد أحد أقارب رئيس مجلس النواب عقيلة صالح".

ويلفت سامي حمدي، مدير شركة "إنترناشونال إنترست" للاستشارات الدولية ومقرها لندن، الانتباه إلى غياب أي "مؤشر ينذر باحتمال حدوث أي مساءلة".

 

ويعزو مراقبون  الاحتجاجات  إلى سببين هما انعدام ثقة الكثير من قبل الليبيين في المؤسسات العامة  وهو ما ظهر جليا في إضرام محتجين النيران في منزل رئيس بلدية درنة عقب الكارثة.

أما السبب الثاني فيتمثل في حالة الغضب إزاء قرار برلمان شرق البلاد بإنشاء صندوق جديد لإعادة إعمار درنة يتولى إدارته عقيلة صالح، رئيس بلدية درنة الموقوف عن العمل، وصدام حفتر، نجل رجل شرق ليبيا القوي خليفة حفتر.

وفي ذلك، يقول المجريسي إن الشخصيات الثلاثة كانت مسؤولة عن صندوق سابق لإعادة إعمار المدينة، مضيفا "كانوا مسؤولين عن صندوق إعادة إعمار درنة بعد الحرب التي خاضها حفتر ضد داعش (تنظيم الدولة الإسلامية) بين عامي 2018 و2019، لكن الصندوق لم يعد له وجود ولم يحقق أي شيء".

قدرت تقارير أن السيول المدمرة جرفت ربع مساحة مدينة درنة.
قدرت تقارير أن السيول المدمرة جرفت ربع مساحة مدينة درنة.صورة من: Zohra Bensemra/REUTERS

وجاء هذا الحديث متفقا في الرأي مع ما خلص إليه تقرير صادر عن رئيس بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا، غسان سلامة، عام 2018 جاء فيه أن "الأجندات الفردية المتنافسة لا تزال تهيمن على الصالح العام، حيث تستخدم الموارد العامة لأعمال لا تخدم الشعب الليبي، وأن الصراع على الموارد يقع في صميم الأزمة الليبية" .

ورغم مرور هذه الأعوام والضغوطات الدولية على الأطراف الليبية المتنازعمة، إلا أنه لم يطرأ أي تحسن في أداء سلطات البلاد فيما صنفت منظمة الشفافية الدولية ليبيا في المرتبة 171 من بين 180 دولة في مؤشر مدركات الفساد لعام 2022.

الجدير بالذكر أن منظمة العفو الدولية  اتهمت القوات التابعة لصدام حفتر بالتورط في "فظائع" ضد المدنيين منذ عام 2016.

القمع السياسي

ورغم الاحتجاجات الغاضبة في درنة، إلا أن مراقبين يستبعدون أن تسفر حالة الغضب عن تغيير سياسي حقيقي في ضوء أن المدينة المنكوبة تحت إدارة حكومة شرق ليبيا برئاسة أسامة حمد المدعوم من حفتر الذي يُعرف عنه قمعه القوي لأي معارضة احتجاجية.

طالب المحتجون بمحاسبة مسؤولين منهم رئيس البرلمان الليبي عقيلة صالح خلال المظاهرة أمام مسجد.
طالب المحتجون بمحاسبة مسؤولين منهم رئيس البرلمان الليبي عقيلة صالح خلال المظاهرة أمام مسجد.صورة من: Zohra Bensemra/REUTERS

ويقول سامي حمدي إن "الرأي الشعبي لا يحظى بأهمية خاصة بين الميليشيات أو  الفصائل السياسية  إذ أن هناك إجماعا بين الفصائل السياسية على أنها جميعا لا تحظى بشعبية بين الليبيين".

وإزاء ذلك، يخشى المراقبون من شروع السلطات وقوات الأمن في قمع الاحتجاجات في حالة مضى المتظاهرون قدما في الاحتجاج.

وفي ذلك، يقول المجريسي إن "السياسيين والنخب يدركون حالة الغضب المتزايدة وهم يقاومون بالفعل في شكل تعزيز أجهزة الأمن الداخلية على الأرض".

وفي هذا الصدد، يذكر  الباحث في المعهد الألماني للسياسة الدولية والأمن، فلفرام لاتشر، في تغريدة على موقع أكس، تويتر سابقا، أن قوات الأمن قطعت مقابلة بعد أن انتقد شخص رئيس بلدية درنة ورئيس البرلمان عقيلة صالح.

تزامن مع حديث عن طرد الصحافيين الذين يقومون بالتغطية الصحافية للوضع في درنة بعد الكارثة فيما غرد صحافي ليبي قائلا: "الأوامر قد صدرت بإجلاء الفرق الإعلامية والصحافية من مدينة درنة".

وفي سياق متصل، يشير المجريسي إلى أنه لا يحدوه أي أمل في أن ينجم عن حالة الغضب الشعبي تعاون مثمر بين الحكومات المتنافسة أو حتى إنهاء الخلاف السياسي في البلاد، قائلا "يجيد حفتر والسياسيون الليبيون فقط قمع الغضب واعتقال المتظاهرين الذين تجرأوا على الاحتجاج ورغبوا في التعبير عن آرائهم.. هؤلاء الساسة قادرون على اجتياز أي عاصفة سياسية بأمان".

يشار إلى أنه منذ عام 2014 ، تئن ليبيا تحت وطأة انقسام واقتتال داخلي وتناحر سياسي مع وجود حكومتين متعارضتين في شرق البلاد وغربها.

ففي الغرب توجد حكومة الوحدة الوطنية، المدعومة من الأمم المتحدة والمعُترف بها دولياً برئاسة عبد الحميد الدبيبة، في حين تقع حكومة أخرى مدعومة من مجلس النواب في طبرق شرق البلاد برئاسة أسامة حمد.

وتحظى الحكومتان بدعم من ميليشيات محلية وقوى إقليمية وأخرى دولية.

 

جنيفر هوليس / م. ع